قوله : { وَيَرَى الذين أُوتُواْ العلم } فيه وجهان :
أحدهما : أنه عطف على «لِيَجْزِيَ »{[44101]} . قال الزمخشري : أي وليعلم الذين أوتوا العلم عند مجيء الساعة{[44102]} . وإنما قيده بقوله عند مجيء الساعة لأنه علق : «ليجزي » بقوله : «لَتَأتِيَنَّكُمْ » فبنى هذا عليه وهو من أحسن ترتيب{[44103]} .
والثاني : أنه مستأنف أخبر عنهم بذلك{[44104]} و «الَّذِي أُنْزِلَ » هو المفعول الأول وهُو فَصْلٌ و «الْحَقَّ » مفعول ثانٍ ، لأن الرؤية عِلْميَّة{[44105]} ، وقرأ ابنُ أَبي عَبْلَةَ{[44106]} الْحَقُّ بالرفع على أنه خبر «هُوَ » والجملة في موضع المفعول الثاني وهي لغة تميم يجعلون ما هو فصل مبتدأ وخبر{[44107]} و «مِنْ رَبِّك » حال على القراءتين{[44108]} .
لما بين حال من يسعى في التكذيب في الآخرة بين حاله في الدنيا وهو أن سَعْيَه باطل فإن من أُوتِيَ علماً لا يعتبر تكذيبه وهو يعلم أن ما أنزل إلى محمد عليه ( الصلاة و ){[44109]} السلام حق وصدق وقوله : هُوَ الحَقّ يفيد الحصر أي ليس الحق إلا ذلك وأما قول المكذب فباطل بخلاف ما إذا تنازع خَصْمَان والنزاع لفظي فيكون قول كل واحد حقاً في المعنى{[44110]} ، قال المفسرون : { وَيَرَى الذين أُوتُواْ العلم } يعني مؤمني أهل{[44111]} الكتاب عبد الله بن سَلام وأصْحَابه { الذي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الحق } يعني القرآن هو الحق يعني أنه من عند الله .
أحدها : أنه مستأنف{[44112]} وفي فاعله احتمالان : أظهرهما : أنَّه ضمير «الَّذِي » وهو القرآن . والثاني : ضمير الله تعالى ويتعلق{[44113]} هذا بقوله : { إلى صِرَاطِ العزيز الحميد } ؛ إذ لو كان كذلك لقيل : إلى صِراطِهِ ويجاب بأنه من الالتفات ومن إبراز المضمر ظاهراً تنبيهاً على وصفه بهاتين الصِّفَتَيْنِ{[44114]} .
الوجه الثاني : أنه معطوف على موضع «الحق » و «أن » معه مضمرة تقديره هو الحق والهداية .
الثالث : أنه عطف على «الحق » عَطْفَ فعل على اسم لأنه في تأويله{[44115]} كقوله تعالى : { صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ } [ الملك : 19 ] أي : وقَابِضَاتٍ كما عطف الاسم على الفعل بمعناه كقوله :
4106- فَألْفْيْتُهُ يَوْمًا يُبِيرُ عَدُوَّهُ . . . وَمُجْرٍ عَطَاءً يَسْتَخِفُّ المَعابِرَا{[44116]}
كأنه قيل : وليروه الحق وهادياً .
الرابع : أن «ويهدي » حال من «الَّذِي أُنْزِلَ » ولا بدّ من إضمار مبتدأ أي وهو يهدي كقوله :
4107- . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . نَجَوْتُ وَأرَهْنُهُمْ مَالِكاً{[44117]}
وهو قليل جداً ، ثم قال : { إلى صِرَاطِ العزيز الحميد } وهاتان الصفتان يفيدان الرهبة والرغبة فالعزيز يفيد التخويف والانتقام من المكذب والحميد يفيد الترغيب في الرحمة للمصدق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.