قوله : «والِّذِين سَعَوْا » يجوز فيه وجهان :
أظهرهما : أنه مبتدأ و «أولئك » ( و ){[44088]} ما بعده خبره .
والثاني : أنه عطف على الذي قبله أي ويجزي الذين سعوا ويكون «أُولَئِكَ » الذي بعده مستأنفاً و «أُولَئِكَ » الذي قبله وما في خبره معترضاً بين المُتَعَاطِفَيْن{[44089]} .
قوله{[44090]} : { والذين سَعَوْا في آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ } أي في إبطال أَدِلَّتِنَا مُعَاجِزِينَ يحسبون أنهم يَفُوتُونَنَا{[44091]} وقد تقدم في الحج قراءتا معاجزين{[44092]} . وعلم أنه تعالى لما بين حال المؤمنين يوم القيامة بين حال الكافرين والمراد بهم الذين كذبوا بآياتنا وقوله : «مُعَاجِزِينَ » أي سَعَوا في إبْطَالِهَا لأن المكذّب آتٍ بإخفاء آياتِ بيناتٍ فيحتاج إلى السعي العظيم والجدّ البليغ ليروّج كَذِبَهُ لعله يُعْجز المتمسك به .
قوله : { أولئك لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ } قرأ ابنُ كثير وحفصٌ هنا وفي الجاثية{[44093]} ألِيمٌ بالرفع{[44094]} والباقون بالخفض . فالرفع على أنه نعت «لعَذَابِ » والخفض على أنه نعت «لرجزٍ » إلا أن مَكِّيَّا ضعف قراءة الرفع واستبعدها قال : لأن الرّجز هو العذاب فيصير التقدير عذاب أليم من عذاب وهذا المعنى غير ممكن{[44095]} . قال : والاختيار خَفْضُ «أليم » لأنه أصحّ في التقدير والمعنى إذ تقديره لهم عذابٌ من عذابٍ أليم أي هذا الصِّنف من أصناف العذاب ، لأن العذاب بعضه آلم من بعض{[44096]} . وأجيب : بأن الرجز مطلق العذاب فكأنه قيل : لهم هذا الصنف من العذاب من جنس العذاب{[44097]} ، وكأن أبا البقاء لَحَظَ هذا حيث قال : وبالرفع صفة{[44098]} لعذاب ، والرِّجْز مطلق العذاب .
قال قتادة : الرجز أسوأ{[44099]} العذاب فيكون «مِنْ » لبَيَان الجِنْس كقولك : خَاتَمٌ مِنْ فِضَّةٍ . قال ابن الخطيب : قال هناك{[44100]} : لَهُمْ رِزْقٌ كَريمٌ ولم يقدر بمن التبعيضية فلم يقل : لهم نصيبٌ من رزقٍ ، ولا رزق من جنس كريم ، وقال ههنا «لهم عذابٌ مِن رجزٍ أليم » بلفظة صالحة للتبعيض ، وذلك إشارة إلى سَعَةِ الرحمة وقله الغضب وقال هناك : «لَهُمْ مغَفْرَةٌ » ثم قال : { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } [ الأنفال : 4 ] وههنا لم يقل إلا : «لَهُمْ عَذَابٌ » فزادهم هناك الرزق الكريم ، وههنا لم يزدهم على العذاب وفيما قاله نظر ، لقوله تعالى في موضع آخر : { زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العذاب } [ النحل : 88 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.