ولما فرغ من الوعيد ، أتبعه بذكر الوَعْد وهو قوله تعالى : { وَالَّذِينَ آمَنُواْ [ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً } ]{[9807]}
يجوز في { وَالَّذِينَ آمَنُواْ } : وجهان :
الرفع على الابتداءِ ، والخبر : " سَنُدْخِلُهم " .
والنَّصْبُ على الاشْتِغَال ، أي : سَنُدْخِل الذين آمَنُوا سَنُدخِلهم ، وقرئ{[9808]} : " سيُدْخِلُهم " بياء الغيبة .
واعلم : أنه - تعالى - في أكْثَر آيَاتِ الوَعْد ذَكَرَ { خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً } ولو كان الخلودُ يفيد التأبيدَ والدوامَ ، لزم التكْرَار وهو خلافُ الأصْل ، فعلمنا{[9809]} أن الخُلُود عبارة عن طول المُكْثِ لا عن الدَّوَام ، وأما في آيات الوَعِيد ، فإنه يذكُر الخُلُودَ ، ولم يذكُرِ التَّأبِيدَ إلاَّ في حَقِّ الكفارِ ، وذلك يَدلُّ على أن عِقابَ الفساقِ منقطعٌ .
قوله : { وعدَ اللَّهِ حَقًّا } هما مَصْدَران ، الأول مُؤكِّد لنفسه ؛ كأنه قال وَعَد وَعْداً ، وهو قوله : " سندخلهم " و " حقَّاً " : مصدر مؤكِّد لغيره ، وهو قوله : " وَعْد اللَّه " أي : حُقَّ ذلك حَقّاً .
قوله : { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً } وهو توكيد ثَالثٌ ، و " قيلاً " : نَصْبٌ على التَّمْيِيز ، والقِيلُ ، والقَوْل ، والقَالُ ، مَصَادِرٌ بمعنًى واحدٍ ؛ ومنه قوله - تعالى - : { وَقِيلِهِ يَا رَبِّ }
وقال ابن السِّكِّيت : القِيلُ والقَالُ : اسمَان لا مَصْدَران ، وفِائِدَة هذه التَّوْكِيدَات : معارضةُ ما ذَكَرَهُ الشَّيْطَان من المواعيد الكَاذِبَة والأماني الباطِلَةِ ، والتنْبِيهُ على أن وَعْدَ اللَّه أولى بالقُبُول ، وأحقُّ بالتَّصْدِيق من قوْلِ الشَّيْطَان .
وقرأ حَمْزة{[9810]} ، والكَسَائِيُّ : بإشْمَام الصَّادِ ، وكل صاد سَاكِنة بَعْدَها دال في القُرْآن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.