اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَعِدُهُمۡ وَيُمَنِّيهِمۡۖ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ إِلَّا غُرُورًا} (120)

قوله : " يَعدُهُمْ وَيُمَنِّيهمْ " ، قُرِئَ{[9799]} : " يَعدْهُمْ " بسُكون الدَّال تَخْفِيفاً ؛ لتوالي الحَرَكات ، ومَفْعُولُ الوَعْد مَحْذُوفٌ ، أي : يعدُهُم البَاطِل أو السلامة والعافية ووعدُهُ وتمْنِيَتُهُ : ما يُوقعه{[9800]} في قَلْب الإنْسَان من طُول العمر ، ونَيْل الدُّنْيَا ، وقد يكون بالتَّخْوِيف بالفَقْر ، فيَمْنَعُه من الإنْفَاقِ ، وصِلَة الرَّحِم ؛ كما قال – تعالى - : { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ } [ البقرة : 268 ] و " يُمنيهِم " بأنْ لا بَعْثَ ، ولا جنَّةَ ، { وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً } أي : بَاطِلاً ؛ لأنَّ تلك الأمَانِي لا تُفِيدُ إلا المَغْرُور{[9801]} ؛ وهو أن يَظُنَّ الإنْسَان بالشيء أنه نَافِعٌ لدينه ، ثم يَتَبَيَّن اشْتِمَالُه على أعْظَم المَضَارِّ .

قوله " إِلاَّ غُرُوراً " يُحْتمل أن يكونَ مَفْعُولاً ثانياً ، وأن يكُون مفعولاً من أجْله ، وأن يكون نعت مَصْدرٍ محذوفٍ ، أي : وعْداً ذا غُرور ، وأنْ يكونَ مَصْدراً على غير الصَّدْرِ ؛ لأنَّ " يَعِدُهم " في قوة يَغُرُّهم بوعْدِهِ .


[9799]:ينظر: الدر المصون 2/428.
[9800]:في أ: يوقع.
[9801]:في ب: الغرور.