لما بيَّن وجوبَ الجهاد ، بيَّن أنه لا عِبْرة بصُورة الجِهَادِ ، بل العِبْرَة بالقَصْد والدَّاعِي ، فالمُؤمِنُون يقاتلون في سبيل الله ، أي : في طاعَةِ اللَّه ونُصْرة دينه ، والَّذين كَفَرُوا يُقَاتِلُون في سَبيلِ الطَّاغُوت ، أي : في طَاعَةِ الشَّيْطَان .
قال أبو عُبَيْدة والكسَائي{[8823]} : الطَّاغُوت يُذَكَّر ويُؤنَّث ، قال أبو عُبَيْد : وإنَّما ذكر وأنث ؛ لأنَّهم [ كانوا يُسَمّون الكاهن والكاهِنة طاغُوتاً .
قال جابر بن عبد الله وقد سُئِل عن الطَّاغُوت التي ]{[8824]} كانوا يَتَحاكَمُون إليْها -قال : كان في جُهَيْنة واحِدةٌ ، وفي أسْلم واحِدَةٌ ، وفي كل حَيٍّ واحدة{[8825]} .
قال أبو إسْحَاق : والدَّلِيل على أنَّه الشَّيْطَان ، قوله - تعالى - : { فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً } أي : مَكْرَهُ وَ [ مَكْرَ ]{[8826]} من اتَّبَعَهُ ، وهذه الآية كالدَّالة على أنَّ كُلَّ من كان غَرَضُه في فِعْل رضَى [ غير ]{[8827]} الله - تعالى - [ فهو في سبيل الطاغُوت ، لأنه - تعالى - ذكر هذه القِسْمَة ؛ وهي أن القِتَال إمَّا أن يكون في سبيل اللَّه ]{[8828]} ، أو في سبيل الطَّاغُوتِ ، وجب أن يكُون ما سِوَى اللَّه طاغُوتاً ، ثم إنَّه - تعالى - أمر المُقَاتِلين في سَبيل اللَّه أن يُقَاتِلُوا أوْلِيَاء الشَّيْطَان ؛ فقال : " فقاتلوا أيها المؤمنون أولياء الشيطان " : حزبه وجُنودَهُ ؛ وهم الكُفَّار ، ثم بيَّن أن كَيْد الشَّيْطان [ كان ضعيفاً لأن اللَّه ينصر أوْلِيَاءَهُ ، والشَّيْطان ينصر أولياءَه ، ولا شَكَّ أن نُصْرَة الشَّيْطَانِ لأوليائه ]{[8829]} أضعف من نُصْرة اللَّه ، وكيد الشَّيْطَان : مكره ، " كان ضعيفاً " : كما فعل يوم بَدْرٍ لما رأى الملائكِة ، خاف أن يأخذوه فَهَرَب وخَذَلَهُم ، وفائِدَة إدْخَال " كان " في قوله : " كان ضعيفاً " التَّأكيد لِضَعْف كَيْده ، يعني : أنه مُنْذُ كان مَوْصوفاً بالضَّعْف والذِّلَّةِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.