تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّـٰغُوتِ فَقَٰتِلُوٓاْ أَوۡلِيَآءَ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّ كَيۡدَ ٱلشَّيۡطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا} (76)

الآية 76

وقوله تعالى : { الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله } ذكرنا الذي يأمر خلقه بالسلوك فيه .

وقوله تعالى : { والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت } قال ابن عباس رضي الله عنه : ( الطاغوت هو الشيطان في هذا الموضع لأنه هو الذي يأمر بالسلوك في بسيله ) .

وفي الآية دلالة ألا يأمر الكفار بالجهاد ولا بالصلاة ، ولا يأمر بالزكاة ولا بغيرها من العبادات لأنه أخبر أنهم لو قاتلوا إنما يقاتلون في سبيل الشيطان ، وكذلك إذا صلوا صلوا له ، وكذلك سائر العبادات ، ولكن يأمرون ولا بإتيان ( الشيطان ){[5969]} ما لو فعلوا من العبادات /103-أ/ كانت في سبيل الله ، وهو الإيمان ، وهذا ينقض من قول من يقول : إن الكافر مأمور مكلف بالصلاة والزكاة وغيرها من العبادات ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فقاتلوا أولياء الشيطان } هذا يدل على أن الطاغوت هو الشيطان ههنا ، وكل ما عبد دون الله فهو شيطان .

وقوله تعالى : { إن كيد الشيطان كان ضعيفا } يحتمل قوله : { إن كيد الشيطان } إن كيد أولياء { الشيطان كان ضعيفا } إذا كان الله ناصركم كقوله سبحانه وتعالى : { إن ينصركم الله فلا غالب لكم } ( آل عمران : 160 ) ويحتمل : { إن كيد الشيطان كان ضعيفا } أنه{[5970]} لا يعمل سوى الدعاء والأمر ؛ يدعوهم إلى سبيله ، فذلك لضعفه ، لا يباشر القتال ولا الضرر ، إنما هو إشارة منه ودعاء كقوله سبحانه وتعالى : { وما كان ولي من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي } ( إبراهيم : 22 ) .


[5969]:ساقطة من الأصل وم.
[5970]:في الأصل وم:لأنه.