محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّـٰغُوتِ فَقَٰتِلُوٓاْ أَوۡلِيَآءَ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّ كَيۡدَ ٱلشَّيۡطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا} (76)

ثم شجع تعالى المؤمنين ورغبهم في الجهاد بقوله :

( الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا76 )

( الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله ) يعني في طاعته لإعلاء كلمته . فهو وليهم وناصرهم ( والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت ) في طاعة الشيطان الآمر بغاية الطغيان . كإيذاء المستضعفين من المؤمنين وقتال أقويائهم ( فقاتلوا أولياء الشيطان ) أي : جنده . قال أبو السعود : وذكرهم بهذا العنوان للدلالة على أن ذلك نتيجة لقتالهم في سبيل الشيطان ، والإشعار بأن المؤمنين أولياء الله تعالى لما أن قتالهم في سبيله . وكل ذلك لتأكيد رغبة المؤمنين في القتال وتقوية عزائمهم عليه . فإن ولاية الله تعالى علم في العزة والقوة . كما أن ولاية الشيطان مثل في الذلة والضعف . كأنه قيل : إذا كان الأمر كذلك ، فقاتلوا ، يا أولياء الله ! أولياء الشيطان . ثم صرح في التعليل فقيل : ( إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) أي : في حد ذاته . فكيف بالقياس إلى قدرة الله تعالى . ولم يتعرض لبيان قوة جنابه تعالى ، إيذانا بظهورها . قالوا : فائدة إدخال ( كان ) في أمثال هذه المواقع التأكيد ببيان أنه منذ كان ، كان كذلك . فالمعنى : أن كيد الشيطان منذ كان ، كان موصوفا بالضعف . انتهى . ( والكيد ) : السعي في فساد الحال على جهة الاحتيال عليه . يقال : كاده يكيده ، إذا سعى في إيقاع الضرر على جهة الحيلة عليه . أفاده الرازي .