اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَيَٰقَوۡمِ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ يَوۡمَ ٱلتَّنَادِ} (32)

قوله ( تعالى ){[48149]} : { وياقوم إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التناد } التناد تفاعل من النداء يقال : تنادى القوم أي نادى بعضهم بعضاً{[48150]} ، والأصل : الياء ، وقد تقدم الخلاف في يائه كيف تحذف والأصل{[48151]} تَنَادُياً بضم الدال ولكنهم كسروها ؛ لِتَصح الياءُ . وقرأت طائفة بسكون الدال إجراء للوصل مجرى الوقف{[48152]} ، وتنادى القوم أي نادى بعضهُم بَعْضاً ، قال ( الشَّاعِرُ{[48153]} رَحِمَهُ الله ) :

4337 تَنَادَوْا فَقَالُوا أَرْدَتِ الخَيْلُ فَارِساً *** فَقُلْنَا عُبَيْدَ اللهِ ذَلِكُمُ الرَّدِي{[48154]}

وقال آخر :

4338 تَنَادَوْا بَالرَّحِيلِ غَداً *** وَفِي تَرْحَالِهِمْ نَفْسِ{[48155]}

وقرأ ابن عباس والضحاك والكلبي وأبو صالح وابن مقسم والزعفراني{[48156]} في آخرين بتشديدها{[48157]} مصدر تَنَادَّ من : نَدَّ البَعِيرُ إذَا هَرَبَ ونَفَرَ ، وهو في معنى قوله تعالى : { يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ } [ عبس : 34 ] الآيات ويدل على صحة هذه القراءة قوله تعالى بعد ذلك : { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } . قال أبو علي : التَّنادي مخففاً من التناد من قولهم نَدَّ فلانٌ إذا هرب{[48158]} . وفي الحديث : «إن للناس جَوْلَةً يَنِدُّونَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَجِدُونَ مَهْرَباً »{[48159]} وقال أميةُ بنُ أبي الصَّلْتِ :

4339 وَبَثَّ الخَلْقَ فِيهَا إذْ دَحَاهَا *** فَهُمْ سُكَّانُهَا حَتَّى التَّنَادِي{[48160]}

/خ33


[48149]:سقط من ب.
[48150]:بين في الرعد عند قوله: "مآب" و "متاب" و "عقاب" من الآيات 29، 30، 32، 33، 34 أن إثبات الياء الوجه والحذف حسن جميل؛ لأن الكسرة تدل عليها وهو رأس آية وانظر اللباب 4/97 ب.
[48151]:انظر غريب القرآن لابن قتيبة 386.
[48152]:لم أجد تحديد من قرأ بها انظر البحر 7/464 والدر المصون 4/692.
[48153]:زيادة من (أ) عن (ب).
[48154]:من الطويل لدريد بن الصمة والرواية: فقلت أعبد اله بالاستفهام. والردي الهالك من الردى وهو الهلاك. وشاهده تنادوا أي نادى بعضهم بعضا، وانظر الأصمعيات 108 والبحر 7/464، والدر المصون 4/692.
[48155]:شاهده كسابقه من أن "تنادوا" بمعنى نادى بعضهم البعض ومعنى البيت كسابقه في التحسر على الفراق وهو من مجزوء الوافر ولم أعلم قائله؛ وانظر المحتسب 2/325، وسر صناعة 1/236 والخزانة 9/186 والأشباه والنظائر 4/200 ودرة الغواص 176 والدر المصون 4/692.
[48156]:الحسين بن مالك أبو عبد الله الزعفراني مقرئ شهير، له اختيار في القراءة قرأ عليه أبو نصر عبد الملك بن حاشد وقرأ اختيار العباس بن الفضل على عبد الله بن عبد الرحمن انظر غاية النهاية 1/249.
[48157]:من القراءة الشاذة غير المتواترة وإن كانت اللغة تبيحا انظر مختصر ابن خالويه 132، والمحتسب 2/243 و244، واللسان ندد 4381، ومعاني الفراء 3/7 والكشاف 3/426 ومعاني الزجاج 4/473.
[48158]:الرازي 27/61.
[48159]:الحديث رواه أبو حيان بدون سند عن الرسول 7/464، وهو بالمعنى من حديث طويل رواه العلامة السيوطي في الدر المنثور 24/286.
[48160]:من الوافر له ودحاها أي بسطها أي الأرض وهو مثل: "والأرض بعد ذلك دحاها" وشاهده في كلمة التنادي حيث ينادي بعضهم بعضا يوم القيامة وانظر البحر 7/464، والدر المصون 4/693 والقرطبي 15/310.