قوله : { يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ } يعنى النبوة . والهمزة للإنكار . وهذا إبطال لشبهتهم وتقريره من وجوه :
الأول : أنا إذا أوقعنا التفاوت في مناصب الدنيا ، ولم يقدِرْ أحد من الخلق على التفسير ، فالتفاوت الذي أوقعناه في مناصب الدين والنبوة بأن لا يَقْدِرُوا على التَّصرف أولى .
الثاني : إن اختصاص ذلك المعنى ذلك{[49789]} الرجل إنما كان لأجل حكمنا وفضلنا وإحساننا فيكف يليق بالعقل أن يجعل{[49790]} إحْسَاناً إليه بكثرة المال حجة علينا في أن يحسن إليه بالنبوة ؟ .
الثالث : أنا إنما{[49791]} أوقعنا التفاوت في الإحسان بمنافع الدنيا لا بسبب سابق فلم لا يجوز أيضاً أن يوقع التفاوت في الإحسان بمناصب الدين والنبوة لا لسبب سابق ؟ ! .
ثم قال : { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحياة الدنيا } فجعلنا هذا غَنِيًّا وهذا فقيراً ، وهذا مالكاً ، وهذا مملوكاً ، كما فضلنا بعضهم على بعض في الرزق كما شِئْنا ، كذلك اصطفينا بالرسالة من شِئْنَا { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } في القوة والضعف ، والعلم ، والجهل ، والغِنَى ، والفقر لأن لو سويناهم في كل هذه الأحوال ، لم يخدم أحدٌ أحداً ، ولم يصِرْ أحدٌ منهم مُسَخَّراً لغيره . وحينئذ يخرب العَالَمُ ويَفْسَدُ نظام الدنيا .
وقوله : { لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً } أي ليستخدم بعضهم بعضاً ، فيسخر الأغنياء بأموالهم الأُجَرَاءَ الفقراء بالعمل فيكون بعضهم لبعض سبب المعاش هذا بماله وهذا بأعماله فيلتئم قوام العالم{[49792]} . وقد مضى الكلام في سخرياً في المؤمنين{[49793]} . وقرأ بالكسر هنا عَمْرُو بنُ مَيْمُون ، وابن مُحَيصِن ، وأبوُ رَجاء وابنُ أبي ليلى ، والوليدُ بنُ مُسْلِم{[49794]} ، وخلائقُ بمعنى المشهورة وهو الاستخدام . وَيَبْعُدُ قولُ بعضهم : إنه استهزاء الغنيّ بالفقير{[49795]} . ثم قال : «وَرَحْمَةُ ربِّكَ » يعني الجنة «خَيْرٌ لِلْمُؤمِنِينَ » مما يجمع الكفار من الأموال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.