قوله تعالى : { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً } اعلم أنه تعالى أجاب هَهُنَا بوجْهٍ ثالث عن شُبْهَتِهِمْ بتفضيل الغني على الفقير ، وهو أنه تعالى بين أن منافع الدنيا وطيباتها حقيرة خسيسة عند الله تعالى وبين حقارتها بقوله : { ولولا أن يكون الناس أمة واحدة } والمعنى لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة من الخير والرزق لأعطيتهم أكثر الأسباب المفيدة للنعم فأحدها : أن يكون سقْفُهُمْ مِنْ فِضَّةٍ . وثانيها : مَعارجَ عَلَيْهَا يَظْهِرُونَ أي يَعْلُون ويَرْتَقُونَ ، يقال : ظَهَرْتُ عَلَى السَّطْحِ إذَا عَلَوْته{[49796]} .
وثالثها : «أن يجعل لبيوتهم أبواباً وسرراً أيضاً من فضة عليها يتَّكِئُونَ »{[49797]} .
قوله : { لِبُيُوتِهِمْ } بدل اشتمال{[49796]} ، بإعادة العامل{[49797]} ، واللامان للاخْتِصَاص{[3]} .
وقال ابن عطية : الأولى للمِلْكِ{[4]} ، والثانية للاختصاص{[5]} . ورده أبو حيان : بأن الثاني بدل فيشترط أن يكون ( الحرف ){[6]} متحد المعنى لا مختلفه{[7]} . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكونا بمنزلة اللامين في قولك : وَهَبْتُ لَهُ ثَوْباً لِقَمِيصِهِ{[8]} . قال أبو حيان : ولا أدري ما أراد بقوله{[9]} . قال شهاب الدين : أراد بذلك أن اللامين للعلة ، أي كانت الهبة لأجلك لأجل قميصك ، فلقميصك بدل اشتمال ، بإعادة العامل بِعَيْنِهِ وقد نقل أن قوله : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ } [ الأنعام : 84 ] و [ الأنبياء : 72 ] و [ العنكبوت : 27 ] أنها{[10]} للعلة .
قوله : { سَقْفاً } قرأ ابنُ كَثيرٍ ، وأبو عمرو بفتح السين ، وسكون القاف بالإفراد ، على إرادة الجنس والباقون بضمتين على الجمع ( كرُهُن ){[11]} في جمع رَهْنٍ{[12]} . وفي رهن تأويل لا يمكن هنا ، وهو أن يكون جمع رِهَان جمع رَهْن ، لأنه لم يسمع سِقَاف جمع سَقْف{[13]} .
وعن الفراء أنه جمع سَقِيفَةٍ{[14]} فيكون كصَحِيفَةٍ ، وصُحُفٍ . وقرئ : سَقَفاً بفتحتين لغة في سَقْفٍ{[15]} ، وسُقُوفاً{[16]} بزنة فَلسٍ وفُلُوساً . وأبو رجاء بضمة وسكون{[17]} .
و«مِنْ فِضَّةٍ » يجوز أن يتعلق بالجعل ، وأن يتعلق بمحذوف صفة «لسُقفٍ » .
قوله : { ومعارج } قرأ العامة مَعَارجَ جمع «مِعْرَج » وهو السلم وطلحة{[18]} مَعَارِيج{[19]} جمع مِعْرَاج وهو كمِفْتَاح لمِفْتَح ، وَمَفَاتِيح لمِفْتَاحٍ .
قوله : { وَسُرُراً } جمع «سرير » والعامة على ضم الراء . وقرئ بفتحها ، وهي لغة بعض تميم وكَلْبٍ{[20]} وقد تقدم أن «فعيلاً » المضعف يفتح عينه ، إذا كان اسماً ، أو صفة نحو : ثَوْبٌ جَدِيدٌ ، وثِيَابٌ جُدَدٌ . وفيه كلام للنحاة{[21]} . وهل قوله : «مِنْ فِضّةٍ » شامل للمعارج والأثواب والسُّرُر ؟ .
فقال الزمخشري : نعم{[22]} ، كأنه يرى تشريك المعطوف مع المعطوف عليه في قيوده . وَ «عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ » و«عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ » صفتان لما قبلهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.