قوله : { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل } .
وقيل : إنه لما قال : { لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل } ورجع إلى المدينة لم يلبث إلا أياماً يسيرة حتى مات ، فاستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم وألبسه قميصه ، فنزل قوله : { لَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ } .
وروي أن عبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سَلُولَ قال لأبيه : والله الذي لا إله إلا هو لا تدخل المدينة حتى تقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأعزُّ وأنا الأذلُّ ، فقاله .
توهموا أن العزة لكثرةِ الأموال والأتباعِ فبيَّن اللَّهُ - تعالى - أنَّ العزَّة والمنَعَة والقُوَّة لله{[56798]} .
قوله : { لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل } .
قرأ العامَّةُ : بضم الياء وكسر الراء مسنداً إلى «الأعزّ » و «الأذلّ » مفعول به ، والأعزُّ بعضُ المنافقين على زعمه .
وقرأ الحسن{[56799]} وابنُ أبي عبلة والمسيبي : «لنُخْرجَنَّ » بنون العظمة ، وبنصب «الأعزَّ » على المفعول به ، ونصب «الأذَلَّ » على الحالِ .
والجمهور جعلوا «أل » مزيدة على حدّ «أرسلها العراك » و «ادخلوا الأول فالأول » .
وجوَّز أبو البقاء{[56800]} : أن يكون منصوباً على المفعولِ ، وناصبه حال محذوفةٌ ، أي : مشبهاً الأذلَّ .
وقد خرجه الزمخشري على حذف مضافٍ ، أي : خروج الأول أو إخراج الأول{[56801]} .
يعني بحسب القراءتين من «خرج وأخرج » فعلى هذا ينتصب على المصدر لا على الحال .
ونقل الدَّاني عن الحسن أيضاً : «لنخرُجَنَّ » بفتح نون العظمة وضم الراء ، ونصب «الأعزَّ » على الاختصاص كقولهم : «نحن العرب أقرى النَّاس للضيفِ » و «الأذلَّ » نصب على الحال أيضاً .
قاله أبو حيان{[56802]} .
وفيه نظر ، كيف يخبرون عن أنفسهم أنهم يخرجون في حال الذل مع قولهم : «الأعز » أي : «أخُصُّ الأعزَّ » ويعنون ب «الأعزِّ » أنفسهُم .
وقد حكى هذه القراءة أيضاً أبو حاتم .
وحكى الكسائي والفرَّاء : أن قوماً قرأوا : «ليَخْرُجنَّ » - بفتح الياء وضم الراء - ورفع «الأعزّ » فاعلاً ونصب «الأذل » حالاً .
وهي واضحة{[56803]} .
وقرئ{[56804]} : «ليُخْرجَنَّ » - بضم الياء - مبنيًّا للمفعول ، «الأعز » قائم مقام الفاعل «الأذلّ » حال أيضاً .
فصل في ختم الآية ب «لا يفقهون »
قال ابن الخطيب{[56805]} : فإن قيل : ما الحكمةُ في أنه تعالى ختم الآية الأولى بقوله : «لا يَفْقَهُونَ » وختم الثَّانية بقوله : «لاَ يَعْلمُونَ » ؟ .
فالجواب : ليعلم بالأولى قلة كياستهم وفهمهم ، وبالثانية حماقتهم وجهلهم ، ولا يفقهون من فِقهَ يَفْقَهُ ، كعلِمَ يَعْلَمُ ، أو من فقُهَ يَفقهُ ، كعَظُمَ يَعظُمُ ، فالأول لحصولِ الفقه بالتكلُّفِ ، والثاني لا بالتكلُّفِ ، فالأول علاجيٌّ ، والثاني مزاجي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.