اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْۗ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَفۡقَهُونَ} (7)

قوله : { هُمُ الذين يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ على مَنْ عِندَ رَسُولِ الله حتى يَنفَضُّواْ } .

قد تقدم سببُ النزول ، وأن ابن أبي قال : لا تنفقوا على من عند محمد «حتى ينفضوا » أي يتفرقوا عنه ، فأعلمهم الله سبحانه وتعالى أن خزائن السماوات والأرض له ينفق كيف يشاء{[56793]} .

قال رجل لحاتم الأصم : من أين تأكل ؟ فقال : { وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ السماوات والأرض } .

وقال الحسن : «خزائنُ السماوات » الغُيوبُ ، وخزائنُ الأرضِ القلوبُ ، فهو علاَّمُ الغيوب ومُقلبُ القُلوبِ{[56794]} .

قوله : { يَنفَضُّواْ } .

قرأ العامَّةُ : «ينفضُّوا » من الانفضاضِ وهو التفرقُ .

وقرأ الفضلُ بن عيسى{[56795]} الرقاشي : «يُنْفِضُوا » من أنفض القوم ، فني زادهم .

ويقال : نفض الرجل وعاءه من الزاد فانفضَّ .

فيتعدى دون الهمزة ولا يتعدى معها ، فهو من باب «كَبَبتهُ فانْكَبَّ » .

قال الزمخشري{[56796]} : وحقيقته جاز لهم أن ينفضوا مزاودهم .

ثم قال تعالى : { ولكن المنافقين لاَ يَفْقَهُونَ } أنه إذا أراد أمراً يسره{[56797]} .


[56793]:ينظر: القرطبي 18/84.
[56794]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (18/84).
[56795]:ينظر: المحرر الوجيز 5/314، والبحر المحيط 8/270، والدر المصون 6/322.
[56796]:ينظر: الكشاف 4/543.
[56797]:ينظر: القرطبي 18/74.