مكية ، وتسمى الواقية ، والمنجية ، وتدعى في التوراة المانعة ؛ لأنها تقي وتنجي من عذاب القبر .
وعن ابن شهاب : أنه كان يسميها المجادلة ؛ لأنها تجادل عن صاحبها في القبر .
قوله تعالى : { تَبَارَكَ الذي بِيَدِهِ الملك } .
«تبارك » تفاعل من البركة وقد تقدم .
وقال الحسنُ : تقدّس{[57298]} .
وقيل : دام ، فهو الدائم الذي لا أول لوجوده ، ولا آخر لدوامه . { الذي بِيَدِهِ الملك } أي : ملكُ السماوات والأرض في الدنيا والآخرة .
وقال ابن عبَّاس : { بِيَدِهِ الملك } : يعزّ من يشاء ، ويذل من يشاء ، ويُحيي ويميت ، ويغني ويفقر ، ويعطي ويمنع{[57299]} .
قال ابن الخطيب{[57300]} : هذه اللفظة تستعمل لتأكيد كونه - تعالى - ملكاً ومالكاً كما يقال : بيد فلان الأمر والنهي ، والحل والعقد ، ولا مدخل للجارحة .
قال الزمخشريُّ{[57301]} : { بِيَدِهِ الملك } كل موجود ، وهو على كل ما لم يوجد قدير :
قوله : { وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . يدل على أن المعدوم شيء ؛ لأن قدرة الله لا تتعلق بالموجود ؛ لأن القدرة مؤثرة ، والعدم نفي محض ، فلا يكون أثراً لها ، فوجب أن يكون المعدوم شيئاً .
فصل في أنه لا مؤثر إلا قدرة الله
احتج أهل السنة{[57302]} بهذه الآية على أنه لا مؤثر إلا قدرة الله ، وأبطلوا القول بالطَّبائع كقول الفلاسفة ، وأبطلوا القول بالمتولدات كقول المعتزلة ، وأبطلوا القول بكون العبد موجوداً لأفعالٍ نفسيةٍ ، لقوله : { وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .
دلّت هذه الآية على الوحدانية{[57303]} ؛ لأنا لو قدرنا إلهاً ثانياً ، فإما أن يقدر على إيجاد الشيء أولاً ، فإن لم يقدر على إيجاد شيء لم يكن إلهاً ، وإن قدر كان مقدور ذلك الإله الثاني شيئاً ، فيلزم كون ذلك للإله الأول لقوله { وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فيلزم وقوع مخلوق من خالقين ، وهو محال ؛ لأنه إذا كان كل واحد منهما مستقلاً بالإيجاد ، ويلزم أن يستغنى بكلّ واحد منهما عن كل واحد منهما ، فيكون محتاجاً إليهما وغنياً عنهما وذلك محال .
احتج جهم بهذه الآية على أنه تعالى ليس بشيء ، فقال{[57304]} : لو كان شيئاً لكان قادراً على نفسه لقوله تعالى : { وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . لكن كونه قادراً على نفسه محال ، فيمتنع كونه شيئاً .
والجواب : لما دلّ قوله تعالى : { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ الله }[ الأنعام : 109 ] على أنه - تعالى - شيء وجب تخصيص هذا العموم ، فإذن دلّت هذه الآيةُ على أنَّ العامَّ المخصوص واردٌ في كتاب الله تعالى ، ودلت على أن تخصيص العام بدليل العقل جائز ، بل واقع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.