قوله إنَّ هؤلاء مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ . هؤلاءِ إشارة لِمَنْ عَكَفُوا على الأصنام ، ومُتَبَّرٌ فيه وجهان : أحدهما : أن يكون خبراً ل " إنَّ " و " مَا " موصولةٌ بمعنى " الَّذي " وهُمْ فِيهِ جملةٌ اسميةٌ صلةٌ وعائده ، وهذا الموصولُ مرفوعٌ باسم المفعول فتكون قد أخْبَرْتَ بمفرد رفعت به سَبَبّاً .
والثاني : أن يكون الموصولُ مبتدأ ، ومُتَبَّرٌ خبره قُدِّم عليه ، والجملةُ خبرٌ ل " إنَّ " .
قال الزمخشريُّ{[16772]} : وفي إيقاع " هؤلاء " اسماً ل " إنَّ " ، وتقديمُ خبر المبتدأ من الجملة الواقعةِ خبراً لها وسمٌ لعبدة الأصنام بأنَّهم هم المُعَرَّضُونَ للتَّبَار ، وأنَّهُ لا يَعْدُوهُم ألْبتَّة ، وأنَّهُ لهم ضربةُ لازم ، ليحذِّرهم عاقبة ما طلبوا ، ويبغض إليهم ما أحَبُّوا .
قال أبُو حيَّان{[16773]} : " ولا يتعيَّنُ ما قاله من تقديم خبر المبتدأ من الجملة الواقعة خبراً ل " إنَّ " ، لأنَّ الأحْسَنَ في إعراب مثل هذا أن يكونُ مُتَبَّرٌ خبراً ل " إنَّ " وما بعده مرفوعٌ " فذكر ما قرَّرْتُهُ ، ونظَّره بقولك : " إنَّ زَيْداً مضروبٌ غلامُهُ " .
قال : فالأحْسَنُ أن يكون " غلامه " مرفوعاً ب " مضروب " ، ثم ذكر الوجه [ الثاني ] وهو أن يكون " مُتَبَّرٌ " خبراً مقدماً من الجملة ، وجعله مرجوحاً .
وهو كما قال ، لأنَّ الأصلَ في الأخبارِ أن تكون مفردةً ، فما أمكن فيها ذلك لا يُعْدل عنه ، إلا أنَّ الزمخشريَّ لم يذكر ذلك على سبيل التَّعيين ، بل على أحد الوجهين وقد يكونُ هذا عنده أرجحَ من جهة ما ذكر من المعنى ، وإذا دار الأمر بين مُرَجِّح لفظيّ ، ومُرَجِّح معنويٍّ فاعتبارُ المعنويِّ أولى ، ولا أظُنُّ حَمَلَ الزمخشري على ذلك إلا ما ذكرت .
وقوله { وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } كقوله { مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ } من جواز الوجهين وما ذُكِر فيهما .
والتَتْبيرُ : التَّكسير ، والتَّحطيم . والبطلان قيل : عدم الشَّيءِ إمَّا بعدم ذاته ، وإما بعدم فائدته ومقصوده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.