قوله : { وَإِذَا قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً الله مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً } .
اختلفوا في الذين قالوا هذا القول .
فقيل : كانوا من الفرقة الهالكة ؛ لأنَّهُم لمَّا قيل لهم : انتهوا عن هذا العمل قبل أن ينزل بكم العذاب ؛ فإنكم إن لم تنتهوا فإنَّ اللَّهَ ينزل بكم بأسه فأجابوا بقولهم : { لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً الله مُهْلِكُهُمْ } .
فقال النَّاهُونَ { مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ } أي موعظتنا { مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ } ، والأصحُّ أنها من قول الفرقة السَّاكتة جواباً للنَّاهية ، قالوا : { لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً الله مُهْلِكُهُمْ . . . مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ } .
ومعناه : أنَّ الأمر بالمعروف واجبٌ علينا ، فعلينا موعظة هؤلاء عُذراً إلى اللَّهِ . " ولَعلَّهُم يتَّقُون " أي : يتَّقُوا اللَّهَ ويتركوا المعصية ، ولو كان الخطاب مع المعتدين لقال : " ولعلَّكُم تتَّقُونَ " .
" مَعْذِرَةً " قرأ العامَّةُ : " مَعْذِرَةٌ " رفعاً على أنه خبر ابتداء مضمر ، أي : موعظتنا معذرة .
وقرأ حفصٌ عن عاصم ، وزيد بن علي{[16924]} ، وعيسى بنُ عمر ، وطلحةُ بنُ مصرف : " مَعْذِرَةٌ " نصباً وفيها ثلاثةُ أوجه :
أظهرها : أنَّهَا منصوبةٌ على المفعول من أجله ، أي : " وعَظْنَاهُم لأجل المعذرة " .
وقال سيبويه{[16925]} : ولو قال رجلٌ لرجلٍ : معذرةً إلى الله وإليك من كذا ، لنصب .
الثَّاني : أنَّها منصوبةٌ على المصدر بفعل مقدر من لفظها ، تقديره : نَعْتَذِرُ مَعْذرةً .
الثالث : أن ينصب انتصابَ المفعول به ؛ لأن المعذرةَ تتضمَّنُ كلاماً ، والمفردُ المتضمِّنُ لكلام إذا وقع بعد القولِ نُصِبَ نصب المفعول به ، ك " قلت خطبة " .
قال : لأنَّهم لم يريدوا أن يعتذروا اعتذاراً مستأنفاً .
ولكنهم قيل لهم : لِمَ تَعِظُونَ ؟
" فَقَالُوا " موعظتنا معذرةً .
والمَعْذِرَةُ : اسمُ مصدر وهو العذر .
وقال الأزهري : إنَّها بمعنى الاعتذارِ ، والعذرُ : التَّنصلُ من الذَّنبِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.