قوله تعالى { ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود }
اعلم أن قوله : { ولما جاء أمرنا } أي عذابنا وذلك هو ما نزل بهم من الريح العقيم ، عذبهم الله بها سبع ليال وثمانية أيام ، تدخل في مناخرهم وتخرج من أدبارهم وتصرعهم على الأرض على وجوههم حتى صاروا كأعجاز نخل خاوية .
فإن قيل : فهذه الريح كيف تؤثر في إهلاكهم ؟
قلنا : يحتمل أن يكون ذلك لشدة حرها أو لشدة بردها أو لشده قوتها ، فتخطف الحيوان من الأرض ، ثم تضربه على الأرض ، فكل ذلك محمل .
وأما قوله : { نجينا هودا } فاعلم أنه يجوز إتيان البلية على المؤمن وعلى الكافر معا ، وحينئذ تكون تلك البلية رحمة على المؤمن وعذابا على الكافر ، فأما العذاب النازل بمن يكذب الأنبياء عليهم السلام فإنه يجب في حكمة الله تعالى أن ينجي المؤمن منه ، ولولا ذلك لما عرف كونه عذابا على كفرهم ، فلهذا السبب قال الله تعالى ههنا : { نجينا هودا والذين آمنوا معه } .
وأما قوله : { برحمة منا } ففيه وجوه : الأول : أراد أنه لا ينجو أحد وإن اجتهد في الإيمان والعمل الصالح إلا برحمة من الله ، والثاني : المراد من الرحمة : ما هداهم إليه من الإيمان بالله والعمل الصالح . الثالث : أنه رحمهم في ذلك الوقت ، وميزهم عن الكافرين في العقاب .
وأما قوله : { ونجيناهم من عذاب غليظ } فالمراد من النجاة الأولى : هي النجاة من عذاب الدنيا ، والنجاة الثانية من عذاب القيامة ، وإنما وصفه بكونه غليظا ؟ تنبيها على أن العذاب الذي حصل لهم بعد موتهم بالنسبة إلى العذاب الذي وقعوا فيه كان عذابا غليظا ، والمراد من قوله تعالى : { ونجيناهم } أي حكمنا بأنهم لا يستحقون ذلك العذاب الغليظ ولا يقعون فيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.