مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا لَعۡنَةٗ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَآ إِنَّ عَادٗا كَفَرُواْ رَبَّهُمۡۗ أَلَا بُعۡدٗا لِّعَادٖ قَوۡمِ هُودٖ} (60)

واعلم أنه تعالى لما ذكر أوصافهم ذكر بعد ذلك أحوالهم فقال : { وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة } أي جعل اللعن رديفا لهم ، ومتابعا ومصاحبا في الدنيا وفي الآخرة ، ومعنى اللعنة الإبعاد من رحمة الله تعالى ومن كل خير .

ثم إنه تعالى بين السبب الأصلي في نزول هذه الأحوال المكروهة بهم فقال : { ألا إن عادا كفروا ربهم } قيل : أراد كفروا بربهم فحذف الباء ، وقيل : الكفر هو الجحد . فالتقدير : ألا إن عادا جحدوا ربهم . وقيل : هو من باب حذف المضاف ، أي كفروا نعمة ربهم .

ثم قال : { ألا بعدا لعاد قوم هود } وفيه سؤالان :

السؤال الأول : اللعن هو البعد ، فلما قال : { وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة } فما الفائدة في قوله : { ألا بعدا لعاد } .

والجواب : التكرير بعبارتين مختلفتين يدل على غاية التأكيد .

السؤال الثاني : ما الفائدة في قوله : { لعاد قوم هود } .

الجواب : كان عاد عادين ، فالأولى : القديمة هم قوم هود ، والثانية : هم إرم ذات العماد ، فذكر ذلك لإزالة الاشتباه ، والثاني : أن المبالغة في التنصيص تدل على مزيد التأكيد .