مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَءَاتَىٰنِي مِنۡهُ رَحۡمَةٗ فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِنۡ عَصَيۡتُهُۥۖ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيۡرَ تَخۡسِيرٖ} (63)

قوله تعالى { قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير }

اعلم أن قوله : { إن كنت على بينة من ربي } ورد بحرف الشك وكان على يقين تام في أمره إلا أن خطاب المخالف على هذا الوجه أقرب إلى القبول ، فكأنه قال : قدروا أني على بينة من ربي وأني نبي على الحقيقة ، وانظروا أني إن تابعتكم وعصيت ربي في أوامره فمن يمنعني من عذاب الله فما تزيدونني على هذا التقدير غير تخسير ، وفي تفسير هذه الكلمة وجهان : الأول : أن على هذا التقدير تخسرون أعمالي وتبطلونها . الثاني : أن يكون التقدير فما تزيدونني بما تقولون لي وتحملوني عليه غير أن أخسركم أي أنسبكم إلى الخسران ، وأقول لكم إنكم خاسرون ، والقول الأول أقرب لأن قوله : { فمن ينصرني من الله إن عصيته } كالدلالة على أنه أراد إن أتبعكم فيما أنتم عليه من الكفر الذي دعوتموني إليه لم أزدد إلا خسرانا في الدين فأصير من الهالكين الخاسرين .