مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ٱللَّهُ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ وَفَرِحُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا مَتَٰعٞ} (26)

قوله تعالى{ الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع }

اعلم أنه تعالى لما حكم على من نقض عهد الله في قبول التوحيد والنبوة بأنهم ملعونون في الدنيا ومعذبون في الآخرة فكأنه قيل : لو كانوا أعداء الله لما فتح الله عليهم أبواب النعم واللذات في الدنيا ، فأجاب الله تعالى عنه بهذه الآية وهو أنه يبسط الرزق على البعض ويضيقه على البعض ولا تعلق له بالكفر والإيمان ، فقد يوجد الكافر موسعا عليه دون المؤمن ، ويوجد المؤمن مضيقا عليه دون الكافر ، فالدنيا دار امتحان . قال الواحدي : معنى القدر في اللغة قطع الشيء على مساواة غيره من غير زيادة ولا نقصان . وقال المفسرون : معنى ( يقدر ) ههنا يضيق ، ومثله قوله تعالى : { ومن قدر عليه رزقه } أي ضيق ، ومعناه : أنه يعطيه بقدر كفايته لا يفضل عنه شيء .

وأما قوله : { وفرحوا بالحياة الدنيا } فهو راجع إلى من بسط الله له رزقه ، وبين تعالى أن ذلك لا يوجب الفرح ، لأن الحياة العاجلة بالنسبة إلى الآخرة كالحقير القليل بالنسبة إلى ما لا نهاية له .