السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡفُلۡكَ تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِأَمۡرِهِۦ وَيُمۡسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (65)

الأمر الثالث : قوله تعالى : { ألم ترَ } أي : أيها المخاطب { أنّ الله } ذا الجلال والإكرام { سخر لكم } فضلاً منه { ما في الأرض } كله من مسالكها وفجاجها ، وما فيها من حيوان وجماد وزرع وثمار ، فلولا تسخيره تعالى الإبل والبقر مع قوتهما حتى ذللهما للضعيف من الناس لما انتفع بهما أحد منهم .

الأمر الرابع : قوله تعالى : { والفلك } أي : وسخر لكم الفلك أي : السفن ، ثم بيّن تسخيرها بقوله : { تجري في البحر } العجاج المتلاطم بالأمواج بريح طيبة للركوب والحمل { بأمره } أي : بإذنه .

الأمر الخامس : قوله تعالى : { ويمسك السماء } أي : كراهة { أنّ تقع على الأرض } التي تحتها مع علوها وعظمها وكونها بغير عمد فتهلكوا { إلا بإذنه } أي : بمشيئته ، فيقع ذلك يوم القيامة حين يريد طي هذا العالم وإيجاد عالم البقاء { إن الله } أي : الذي له الخلق والأمر { بالناس } أي : على ظلمهم { لرؤوف } أي : بما يحفظ من سرائرهم { رحيم } أي : حيث هيأ لهم أسباب الاستدلال وفتح لهم أبواب المنافع ، ودفع عنهم أبواب المضار .