مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَٰلِحًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمۡ فَرِيقَانِ يَخۡتَصِمُونَ} (45)

قوله تعالى : { ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلمو ا إن في ذالك لآية لقوم يعلمون وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون } .

القصة الثالثة : قصة صالح عليه السلام

قرئ { أن اعبدوا الله } بالضم على إتباع النون الباء{[15]} .

أما قوله : { فإذا هم فريقان } ففيه قولان : أحدهما : المراد فريق مؤمن وفريق كافر . الثاني : المراد قوم صالح قبل أن يؤمن منهم أحد .

أما قوله : { يختصمون } فالمعنى أن الذين آمنوا إنما آمنوا لأنهم نظروا في حجته فعرفوا صحتها ، وإذا كان كذلك فلابد وأن يكون خصما لمن لم يقبلها ، وإذا كان هذا الاختصام في باب الدين دل ذلك على أن الجدال في باب الدين حق وفيه إبطال التقليد .


[15]:الاتباع هنا ليس للباء التي في اعبدوا لوجود الفاصل وهو العين والهمزة، والصواب أن يقال على إتباع النون للألف من اعبدوا لأن الأمر من عبد أعبد مضموم الألف.