اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَٰلِحًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمۡ فَرِيقَانِ يَخۡتَصِمُونَ} (45)

قوله تعالى : { وَلَقَدْ أرسلنا إلى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً } الآية .

قوله : { أَنِ اعبدوا الله } أي : وحدوه ، ويجوز في «أَنْ » أن تكون مفسرة{[39115]} وأن تكون مصدرية ، أي بأن اعبدوا فيجيء في محلها القولان{[39116]} .

قوله : { فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ } تقدم الكلام في «إذَا » الفجائية{[39117]} ، والمراد بالفريقين قوم صالح ، وأنهم انقسموا فريقين : مؤمن وكافر ، وقد صرح بذلك في الأعراف في قوله : { قَالَ الملأ الذين استكبروا مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ استضعفوا لِمَنْ آمَنَ } [ الأعراف : 75 ] . وجعل الزمخشري الفريق الواحد{[39118]} صالحاً وحده والآخر جميع قومه{[39119]} ؛ وحمله على ذلك العطف بالفاء ، فإنه يؤذن أنه بمجرد إرساله صاروا فريقين ، ولا يصير قومه فريقين إلا بعد زمان ولو قليلاً .

و «يَخْتَصِمُونَ » صفة ل «فَرِيقَان » على المعنى ، كقوله : { هذان خَصْمَانِ اختصموا } [ الحج : 19 ] و { وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا }{[39120]} [ الحجرات : 9 ] واختير هنا مراعاة الجمع ، لكونها فاصله{[39121]} .


[39115]:لأن" أرسلنا" تتضمن معنى القول.
[39116]:فهي على القول الأول لا محل لها من الإعراب، وعلى القول الثاني ففي موضعها خلاف أهي في موضع نصب على نزع الخافض، أم في موضع جر. انظر البحر المحيط 7/82.
[39117]:عند قوله تعالى: {...فإذا هم مبلسون}[الأنعام: 44].
[39118]:في ب: الواحد الفريق.
[39119]:وعبارته: (وقيل: أريد بالفريقين صالح عليه السلام وقومه قبل أن يؤمن منهم أحد) الكشاف 3/145، وهو قول حكاه الزمخشري وليس له.
[39120]:وإنما كانت الصفة على المعنى في هاتين الآيتين لأن مقتضى الظاهر في الأول أن يكون الخبر (اختصما) وفي الثانية (اقتتلنا)، ولكن لما كان المثنى في الآيتين يفهم معنى الجمع ساغ ذلك. انظر البيان 2/223، التبيان 2/1010.
[39121]:انظر البحر المحيط 7/82.