مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَلَمَّا جَآءَ سُلَيۡمَٰنَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٖ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيۡرٞ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُمۚ بَلۡ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمۡ تَفۡرَحُونَ} (36)

ولما وصلت الهدايا إلى سليمان عليه السلام ذكر أمرين : الأول : قوله : { أتمدونن بمال } فأظهر بهذا الكلام قلة الاكتراث بذلك المال .

أما قوله : { بل أنتم بهديتكم تفرحون } ففيه ثلاثة أوجه أحدها : أن الهدية اسم للمهدي ، كما أن العطية اسم للمعطى ، فتضاف إلى المهدي وإلى المهدى إليه ، والمضاف إليه ههنا هو المهدى إليه ، والمعنى أن الله تعالى آتاني الدين الذي هو السعادة القصوى ، وآتاني من الدنيا ما لا مزيد عليه ، فكيف يستمال مثلي بمثل هذه الهدية ، بل أنتم تفرحون بما يهدى إليكم ، لكن حالي خلاف حالكم . وثانيها : بل أنتم بهديتكم هذه التي أهديتموها تفرحون من حيث إنكم قدرتم على إهداء مثلها .