مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{هَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِ ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ} (21)

أما قوله تعالى : { هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون } ففيه بحثان :

الأول : اختلفوا في أن هذا هو من بقية كلام الكفار أو يقال تم كلامهم عند قوله تعالى : { هذا يوم الدين } . وأما قوله : { هذا يوم الفصل } فهو كلام غيرهم ، فبعضهم قال بالأول وزعم أن قوله : { هذا يوم الفصل } الآية من كلام بعضهم لبعض ، والأكثرون على القول الثاني واحتجوا بوجهين : الأول : أن قوله : { كنتم به تكذبون } من كلام بعضهم لبعض خطاب مع جميع الكفار فقائل هذا القول لا بد وأن يكون غير الكفار الثاني : أن قوله : { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } منسوق على قوله : { هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون } فلما كان قوله : { احشروا الذين ظلموا } كلام غير الكفار فكذلك قوله : { هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون } يجب أن يكون كلام غير الكفار ، وعلى هذا التقدير فقوله : { هذا يوم الدين } من كلام الكفار ، وقوله : { هذا يوم الفصل } من كلام الملائكة جوابا لهم ، والوجه في كونه جوابا لهم أن أولئك الكفار ، إنما اعتقدوا في أنفسهم كونهم محقين في إنكار دعوة الأنبياء عليهم السلام وكونهم محقين في تلك الأديان الفاسدة فقالوا : { هذا يوم الدين } أي هذا اليوم الذي يصل فيه إلينا جزاء طاعتنا وخيراتنا ، فالملائكة يقولون لهم إنه لا اعتبار بظواهر الأمور في هذا اليوم فإن هذا اليوم يفصل فيه الجزاء الحقيقي عن الجزاء الظاهري وتميز فيه الطاعات الحقيقية عن الطاعات المقرونة بالرياء والسمعة فبهذا الطريق صار هذا الكلام من الملائكة جوابا لما ذكره الكفار .