وقوله : { هذا يَوْمُ الفصل } من قول الباري تعالى : وقيل : الجميع من كلامهم وعلى هذا فيكون قوله : { تُكَذَّبُونَ } إما التفاتاً من التكلم إلى الخطاب وإما مخاطبة بعضهم لبعض{[46883]} .
لما بين في الآية المتقدمة ما يدل على إنكار البعث والقيامة وأرْدَفَهُ بما يدل على وقوع القيامة ذكر في هذه الآيات بعض تفاصيل أحوال القيامة فمنها قوله : «فإنما هي زجرة واحدة » أي صيحة واحدة وهي نفخة البعث فإذا هم ينظرون أي أحياء ينظر بعضهم إلى بعض ، وقيل : ينتظرون ما يحدث لهم أو ينظرون إلى البعث الذي كذبوا به والزجرة هي الصيحة التي يزجرها كالزجرة بالنَّعَمِ والإبل عند الحثّ ، ثُمَّ كثر استعمالها حتى صارت بمعنى الصيحة ، قال ابن الخطيب : ولا يبعد أن يقال تلك الصيحة إذا سميت زجرة لأنها تزجر الموتى عن الرقود في القبور وتحثهم على القيام من القبور إلى الحضور في موقف القيامة .
فإن قيل : فما الفائدة في هذه الصيحة للأموات وهذه النفخة جارية مَجْرَى السبب لحياتهم فتكون مقدمة{[46884]} على حياتهم فلزم أن هذه الصيحة إنما تكون حالاً لكونهم أمواتاً فتكون الصيحة عديمة الفائدة فهي عَبَثٌ والعبث لا يجوز في فِعل الله ؟
فالجواب : على قول أهل السنة يفعل الله ما يشاء وأما المعتزلة فقال القاضي : فيه وجهان :
الأول : أن يعتبر بها الملائكة .
والثاني : أن تكون فائدتها التخويف والإرهاب ( انتهى ){[46885]} . وهذه الصيحة لا تأثير لها في الحياة بدليل أن الصيحة الأولى استعقبها الموت والثانية الحياة وذلك يدل على أن الصيحة لا أثر لها في الموت ولا في الحياة بل خالق الموت{[46886]} والحياة هو الله ( وذلك يدل على{[46887]} أن الصيحة لا أثر لها ) كما قال : { الذي خَلَقَ الموت والحياة }
[ الملك : 2 ] روي أن الله تعالى يأمرنا سراً قيل فينادى أَيَّتَّها العِظَامُ النَّخِرَة ، والجُلُودُ البالية والأجزاء المتفرقة اجتمعوا بإذن الله تعالى . الحالة الثانية من تفاصيل أحوال القيامة قولهم بعد القيام من القبور : «يا ويلنا هذا يوم الدين » أي يوم الحساب ويوم الجزاء . قال الزجاج : الويل كلمة يقولها القائل وقت الهَلَكَةِ{[46888]} ، ويحتمل أن يكون المراد بقولهم : «هذا يوم الدين » أي يوم الحساب القيامة المذكور في قوله : { مالك يَوْمِ الدين } [ الفاتحة : 4 ] أي لا مالك في ذلك اليوم إلا الله تعالى وأما قوله : { هذا يَوْمُ الفصل الذي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } تَقَدَّم الكلام على قائله هل هو من كلام الله تعالى أو من كلام الملائكة أو من كلام المؤمنين أو من كلام الكفار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.