مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{دُحُورٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ وَاصِبٌ} (9)

الثانية : أنهم يقذفون من كل جانب دحورا وفيه أبحاث :

الأول : قد ذكرنا معنى الدحور في سورة الأعراف عند قوله : { اخرج منها مذءوما مدحورا } قال المبرد الدحور أشد الصغار والذل وقال ابن قتيبة دحرته دحرا ودحورا أي دفعته وطردته .

البحث الثاني : في انتصاب قوله : { دحورا } وجوه :

الأول : أنه انتصب بالمصدر على معنى يدحرون دحورا ، ودل على الفعل قوله تعالى : { ويقذفون } .

الثاني : التقدير ويقذفون للدحور ثم حذف اللام .

الثالث : قال مجاهد دحورا مطرودين ، فعلى هذا هو حال سميت بالمصدر كالركوع والسجود والحضور .

البحث الثالث : قرأ أبو عبد الرحمن السلمي دحورا بفتح الدال قال الفراء كأنه قال يقذفون يدحرون بما يدحر ، ثم قال ولست أشتهي الفتح ، لأنه لو وجد ذلك على صحة لكان فيها الباء كما تقول يقذفون بالحجارة ولا تقول يقذفون الحجارة إلا أنه جائز في الجملة كما قال الشاعر :

تعال اللحم للأضياف نيئا *** . . .

أي تعالى باللحم

الصفة الثالثة : قوله تعالى : { ولهم عذاب واصب } والمعنى أنهم مرجومون بالشهب وهذا العذاب مسلط عليهم على سبيل الدوام ، وذكرنا تفسير الواصب في سورة النحل عند قوله تعالى : { وله الدين واصبا } قالوا كلهم إنه الدائم ، قال الواحدي ومن فسر الواصب بالشديد والموجع فهو معنى وليس بتفسير .