مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{هَٰذَا فَوۡجٞ مُّقۡتَحِمٞ مَّعَكُمۡ لَا مَرۡحَبَۢا بِهِمۡۚ إِنَّهُمۡ صَالُواْ ٱلنَّارِ} (59)

واعلم أنه تعالى لما وصف مسكن الطاغين ومأكولهم حكى أحوالهم الذين كانوا أحباء لهم في الدنيا أولا ، ثم مع الذين كانوا أعداء لهم في الدنيا ثانيا :

أما الأول : فهو قوله : { هذا فوج مقتحم معكم } واعلم أن هذا حكاية كلام رؤساء أهل النار يقوله بعضهم لبعض بدليل أن ما حكى بعد هذا من أقوال الأتباع وهو قوله : { قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا } ، وقيل إن قوله : { هذا فوج مقتحم معكم } كلام الخزنة لرؤساء الكفرة في أتباعهم ، وقوله : { لا مرحبا بهم إنهم صالو النار } كلام الرؤساء ، وقوله : { هذا فوج مقتحم معكم } أي هذا جمع كثيف قد اقتحم معكم النار كما كانوا قد اقتحموا معكم في الجهل والضلال ، ومعنى اقتحم معكم النار أي دخل النار في صحبتكم ، والاقتحام ركوب الشدة والدخول فيها ، والقحمة الشدة .

وقوله تعالى : { لا مرحبا بهم } دعاء منهم على أتباعهم ، يقول الرجل لمن يدعو له مرحبا أي أتيت رحبا في البلاد لا ضيقا أو رحبت بلادك رحبا ، ثم يدخل عليه كلمة لا في دعاء السوء ، وقوله : { بهم } بيان للمدعو عليهم أنهم صالوا النار تعليل لاستيجابهم الدعاء عليهم ، ونظير هذه الآية قوله تعالى : { كلما دخلت أمة لعنت أختها }