البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{هَٰذَا فَوۡجٞ مُّقۡتَحِمٞ مَّعَكُمۡ لَا مَرۡحَبَۢا بِهِمۡۚ إِنَّهُمۡ صَالُواْ ٱلنَّارِ} (59)

الاقتحام : ركوب الشدة والدخول فيها ، والقحمة : الشدة .

والظاهر أن قوله : { هذا فوج مقتحم معكم } ، من قول رؤسائهم بعضهم لبعض ، والفوج : : الجمع الكثير ، { مقتحم معكم } : أي النار ، وهم الأتباع ، ثم دعوا عليهم بقولهم : { مرحباً بهم } ، لأن الرئيس إذا رأى الخسيس قد قرن معه في العذاب ، ساءه ذلك حيث وقع التساوي في العذاب ، ولم يكن هو السالم من العذاب وأتباعه في العذاب .

ومر حباً معناه : ائت رحباً وسعة لا ضيقاً ، وهو منصوب بفعل يجب إضماره ، ولأن علوهم بيان للمدعو عليهم .

وقيل : { هذا فوج } ، من كلام الملائكة خزنة النار ؛ وأن الدعاء على الفوج والتعليل بقوله : { إنهم صالوا النار } ، من كلامهم .

وقيل : { هذا فوج مقتحم معكم } ، من كلام الملائكة ، والدعاء على الفوج والإخبار بأنهم صالوا النار من كلام الرؤساء المتبوعين .