إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{هَٰذَا فَوۡجٞ مُّقۡتَحِمٞ مَّعَكُمۡ لَا مَرۡحَبَۢا بِهِمۡۚ إِنَّهُمۡ صَالُواْ ٱلنَّارِ} (59)

{ هذا فَوْجٌ مقْتَحِمٌ معَكُمْ } : حكاية ما يقال من جهة الخَزَنةِ لرُؤساء الطَّاغينَ إذا دخلوا النَّارَ واقتحمها معهم فوجٌ كانوا يتبعونهم في الكُفرِ والضَّلالةِ . والاقتحامُ الدُّخولُ في الشَّيء بشدَّةٍ . قال الرَّاغبُ «الاقتحامُ توسُّطُ شدَّةٍ مخيفةٍ » وقولُه تعالى { لاَ مَرْحَباً بِهِمْ } من إتمام كلام الخَزنةِ بطريق الدُّعاءِ على الفوجِ ، أو صفةٌ للفوجِ . أو حالٌ منه ، أي مقولٌ أو مقولاً في حقِّهم لا مرحباً بهم ، أي لا أتَوا مرحباً أو لا رحُبتْ بهم الدَّار مرحباً . { إِنَّهُمْ صَالُو النار } تعليل من جهةِ الخَزَنةِ لاستحقاقهم الدُّعاءِ عليهم أو وصفهم بما ذُكر . وقيل : لا مرحباً بهم إلى هنا كلامُ الرُّؤساءِ في حقَ أتباعِهم عند خطاب الخَزَنة لهم باقتحام الفوجِ معهم تضجُّراً من مقارنتهم وتنفُّرا من مصاحبتِهم . وقيل : كلُّ ذلك كلامْ الرُّؤساءِ بعضِهم مع بعضٍ في حقِّ الأتباعِ .