تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{هَٰذَا فَوۡجٞ مُّقۡتَحِمٞ مَّعَكُمۡ لَا مَرۡحَبَۢا بِهِمۡۚ إِنَّهُمۡ صَالُواْ ٱلنَّارِ} (59)

55

المفردات :

فوج : جمع كثير من أتباعكم في الضلال .

مقتحم معكم : داخل معكم ، والاقتحام : ركوب الشدّة ، والدخول فيها .

لا مرحبا بهم : لا رحبت عليهم الأرض ولا اتسعت .

صالوا النار : داخلون فيها .

التفسير :

59-{ هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار } .

قال ابن عباس في تفسير هذه الآية :

إن القادة إذا دخلوا النار ، ثم دخل بعدهم الأتباع ، تقول الخزنة للقادة : هذا فوج داخل النار معكم ، فيقول السادة : لا مرحبا بهم ، والمراد بذلك الدعاء عليهم .

قال النابغة :

لا مرحبا بغد ولا أهلا به إن كان تفريق الأحبة في غد .

ونلاحظ دقة التعبير في الآية ، فالفوج جمع غفير ، ومقتحم معكم ، داخل النار كرها وعلى غير اختيار ، وإنما يساق سوقا إلى جهنم في ذلة ومهانة .

والرحب : السّعة ، تقول مرحبا ، أي : أتيت سعة وأهلا ، فاستأنس ولا تستوحش ، بخلاف لا مرحبا ، فإنها على العكس ، وهي تشير إلى أنهم لا يريدون لقاءهم ، فصدورهم لا تتسع لهم ، لأنهم صالوا النار مثلهم ، فلا منفعة في لقائهم تقتضي الترحيب بهم ، وهنا يتضح أمامنا أن أهل النار قد تقطعت الصِّلات بينهم ، وفقدوا المودة والتناصر والتعاون الذي كان يربط بينهم في الدنيا ، لأن الغشاوة قد أزيحت عن العيون ، ووجدوا ما عملوا حاضرا ، ولا يظلم ربك أحدا .

وفي هذا المعنى يقول الله تعالى : { لقد تقطع بينكم . . . } [ الأنعام : 94 ] .

ويقول تعالى : { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } . [ الزخرف : 67 ] .