قوله تعالى : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا * محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا } .
تأكيدا لبيان صدق الله في رسوله الرؤيا ، وذلك لأنه لما كان مرسلا لرسوله ليهدي ، لا يريد ما لا يكون مهديا للناس فيظهر خلافه ، فيقع ذلك سببا للضلال ، ويحتمل وجوها أقوى من ذلك ، وهو أن الرؤيا بحيث توافق الواقع تقع لغير الرسل ، لكن رؤية الأشياء قبل وقوعها في اليقظة لا تقع لكل أحد فقال تعالى : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى } وحكى له ما سيكون في اليقظة ، ولا يبعد من أن يريه في المنام ما يقع فلا استبعاد في صدق رؤياه ، وفيها أيضا بيان وقوع الفتح ودخول مكة بقوله تعالى : { ليظهره على الدين كله } أي من يقويه على الأديان لا يستبعد منه فتح مكة له و( الهدى ) يحتمل أن يكون هو القرآن كما قال تعالى : { أنزل فيه القرآن هدى للناس } وعلى هذا { دين الحق } هو ما فيه من الأصول والفروع ، ويحتمل أن يكون الهدى هو المعجزة أي أرسله بالحق أي مع الحق إشارة إلى ما شرع ، ويحتمل أن يكون الهدى هو الأصول و{ دين الحق } هو الأحكام ، وذلك لأن من الرسل من لم يكن له أحكام بل بين الأصول فحسب ، والألف واللام في الهدى يحتمل أن تكون للاستغراق أي كل ما هو هدى ، ويحتمل أن تكون للعهد وهو قوله تعالى : { ذلك هدى الله يهدي به من يشاء } [ الزمر : 23 ] وهو إما القرآن لقوله تعالى : { كتابا متشابها مثاني تقشعر } [ الزمر : 23 ] إلى أن قال : { ذلك هدى الله يهدي به من يشاء } وإما ما اتفق عليه الرسل لقوله تعالى : { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } والكل من باب واحد لأن ما في القرآن موافق لما اتفق عليه الأنبياء وقوله تعالى : { ودين الحق } يحتمل وجوها : ( أحدها ) أن يكون الحق اسم الله تعالى فيكون كأنه قال : بالهدى ودين الله ، ( وثانيها ) أن يكون الحق نقيض الباطل فيكون كأنه قال : ودين الأمر الحق ( وثالثها ) أن يكون المراد به الانقياد إلى الحق والتزامه { ليظهره } أي أرسله بالهدى وهو المعجز على أحد الوجوه { ليظهره على الدين كله } أي جنس الدين ، فينسخ الأديان دون دينه ، وأكثر المفسرين على أن الهاء في قوله { ليظهره } راجعة إلى الرسول ، والأظهر أنه راجع إلى دين الحق أي أرسل الرسول بالدين الحق ليظهره أي ليظهر الدين الحق على الأديان ، وعلى هذا فيحتمل أن يكون الفاعل للإظهار هو الله ، ويحتمل أن يكون هو النبي أي ليظهر النبي دين الحق ، وقوله تعالى : { وكفى بالله شهيدا } أي في أنه رسول الله وهذا مما يسلي قلب المؤمنين فإنهم تأذوا من رد الكفار عليهم العهد المكتوب ، وقالوا لا نعلم أنه رسول الله فلا تكتبوا محمد رسول الله بل اكتبوا محمد بن عبد الله ، فقال تعالى : { وكفى بالله شهيدا } في أنه رسول الله ، وفيه معنى لطيف وهو أن قول الله مع أنه كاف في كل شيء ، لكنه في الرسالة أظهر كفاية ، لأن الرسول لا يكون إلا بقول المرسل ، فإذا قال ملك هذا رسولي ، لو أنكر كل من في الدنيا أنه رسول فلا يفيد إنكارهم فقال تعالى أي خلل في رسالته بإنكارهم مع تصديقي إياه بأنه رسولي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.