محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدٗا} (28)

{ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا 28 } .

{ هو الذي أرسل رسوله بالهدى } أي البيان الواضح { ودين الحق } أي الإسلام .

/وقال المهايميّ : { بالهدى } أي الدلائل القطعية { ودين الحق } أي الاعتقادات الصائبة المطابقة لما هو الواقع أشد مطابقة .

وقال ابن كثير : أي بالعلم النافع ، والعمل الصالح ، فإن الشريعة تشتمل على شيئين : علم وعمل . فالعلم الشرعيّ صحيح ، والعمل الشرعيّ مقبول ، فإخباراتها حق ، وإنشاءاتها عدل .

{ ليظهره } أي ليعليه { على الدين كله } قال ابن جرير :{[6654]} أي ليبطل به الملل كلها ، حتى لا يكون دين سواه . وذلك حين ينزل عيسى ابن مريم ، فيقتل الدجال ، فحينئذ تبطل الأديان كلها ، غير دين الله الذي بعث به محمدا صلى الله عليه وسلم ، ويظهر الإسلام على الأديان كلها . انتهى .

وقال ابن تيمية : قد أظهره الله علما وحجة وبيانا على كل دين ، كما أظهره قوة ونصرا وتأييدا ، وقد امتلأت الأرض منه ومن أمته في مشارق الأرض ومغاربها ، وسلطانهم دائم لا يقدر أحد أن يزيله ، كما زال ملك اليهود ، وزال ملك من بعدهم عن خيار الأرض وأوسطها . انتهى .

{ وكفى بالله شهيدا } أي على أن ما وعده من إظهار دينه على جميع الأديان أو الفتح أو المغانم كائن . قال الحسن : شهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الدين كله .

قال ابن جرير :{[6655]} وهذا إعلام من الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ، والذين كرهوا الصلح يوم الحديبية من أصحابه ، أن الله فاتح عليهم مكة وغيرها من البلدان ، مسلّيهم بذلك عما نالهم من الكآبة والحزن ، بانصرافهم عن مكة قبل دخولها ، وقبل طوافهم بالبيت .


[6654]:انظر الصفحة رقم 109 من الجزء السادس والعشرين(طبعة الحلبي الثانية(.
[6655]:انظر الصفحة 109 من الجزء السادس والعشرين(طبعة الحلبي الثانية(.