قوله تعالى : { قال فما خطبكم أيها المرسلون } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : لما علم حالهم بدليل قوله : { منكرون } لم لم يقنع بما بشروه لجواز أن يكون نزولهم للبشارة لا غير ؟ نقول إبراهيم عليه السلام أتى بما هو من آداب المضيف حيث يقول لضيفه إذا استعجل في الخروج ما هذه العجلة ، وما شغلك الذي يمنعنا من التشرف بالاجتماع بك ، ولا يسكت عند خروجهم مخافة أن يكون سكوته يوهم استثقالهم ، ثم إنهم أتوا بما هو من آداب الصديق الذي لا يسر عن الصديق الصدوق ، لاسيما وكان ذلك بإذن الله تعالى لهم في إطلاع إبراهيم عليه السلام على إهلاكهم ، وجبر قلبه بتقديم البشارة بخير البدل ، وهو أبو الأنبياء إسحاق عليه السلام على الصحيح ، فإن قيل فما الذي اقتضى ذكره بالفاء ، ولو كان كما ذكرتم لقال ما هذا الاستعجال ، وما خطبكم المعجل لكم ؟ نقول : لو كان أوجس منهم خيفة وخرجوا من غير بشارة وإيناس ما كان يقول شيئا ، فلما آنسوه قال : ما خطبكم ، أي بعد هذا الأنس العظيم ، ما هذا الإيحاش الأليم .
المسألة الثانية : هل في الخطب فائدة لا توجد في غيره من الألفاظ ؟ نقول : نعم ، وذلك من حيث إن الألفاظ المفردة التي يقرب منها الشغل والأمر والفعل وأمثالها ، وكل ذلك لا يدل على عظم الأمر ، وأما الخطب فهو الأمر العظيم ، وعظم الشأن يدل على عظم من على يده ينقضي ، فقال : { ما خطبكما } أي لعظمتكم لا ترسلون إلا في عظيم ، ولو قال بلفظ مركب بأن يقول ما شغلكم الخطير وأمركم العظيم للزم التطويل ، فالخطب أفاد التعظيم مع الإيجاز .
المسألة الثالثة : من أين عرف كونهم مرسلين ، فنقول { قالوا } له بدليل قوله تعالى : { إنا أرسلنا إلى قوم لوط } وإنما لم يذكر هاهنا لما بينا أن الحكاية ببسطها مذكورة في سورة هود ، أو نقول لما قالوا لامرأته : { كذلك قال ربك } علم كونهم منزلين من عند الله حيث كانوا يحكون قول الله تعالى ، يدل على هذا أن قولهم : { إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين } كان جواب سؤاله منهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.