قوله تعالى : { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المرسلون } هذا أيضاً من آداب المُضِيف ، إذا بادر الضيف إلى الخروج قال له : ما هذه العَجَلَةُ ؟ وما شَأنُك ؟ لأن في سُكُوته ما يوهم باسْتِثْقَالهم{[52873]} ثم إنّهم{[52874]} أتوا بما هو من أدب الصديق الذي لا يسر عن الصديق شيئاً ، وكان ذلك بإذن الله لهم في إطلاع إبراهيم على إهلاكهم ، وجبر قلبه بتقديم البشارة بأبي الأنبياء إسحاق - عليه الصلاة والسلام - .
فإن قيل : فما الذي اقتضى ذكره بالفاء ولِمَ لا قال : مَا هَذَا{[52875]} الاستعجال ؟ ومَا خَطْبكُم المعجل لكم ؟
فالجواب : أنه لما أوجسَ منهم خيفةً أو خرجوا من غير بشارة وإيناس ما كان يقول شيئاً فلما أَنِسُوه قال : ما خَطْبُكُم أي بعد هذا الأُنس العظيم ما هذا الإيحاش الأليم{[52876]} !
والخَطْب يُسْتَعْمل في الأمر العظيم ، ولذلك قال : فَمَا خَطْبُكُم أي لعظمتكم لا ترسلون إلاَّ في أمر عظيم ، ولو قال بلفظ مركب بأن يقول : ما شُغْلكم الخَطِيرُ وأمركم العظيم للزم التطويل فالخَطْبُ أفاد التعظيم مع الإيجاز وعرف أنهم مرسلون بقولهم : «إِنَّا أُرْسِلْنَا » أو بقولهم لامرأته : { كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ } لحكايتهم قول الله تعالى .
وقالوا في سورة هود : { إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمِ لُوطٍ } [ هود : 70 ] وقالوا هنا : { إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } ، لأن الحكاية عن معنى قولهم .
ويحتمل أنهم قالوا الأمرين ، ولما حكى لفظهم في السلام أتى في الموضعين بصفة واحدة{[52877]} .
والمُجْرم قال ابن عباس - ( رضي الله{[52878]} عنهما - ) : هو المشرك ، لأن الشرك أسرف الذنوب وأعظمها .
قال ابن الخطيب : المُجْرم هو الآتي بالذنب العظيم ، لأن المجرم فيه دلالة على العظيم ومنه جُرْم الشيء لِعظَمِهِ ومقْدَاره{[52879]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.