اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡيَمِينِ مَآ أَصۡحَٰبُ ٱلۡيَمِينِ} (27)

قوله تعالى : { وَأَصْحَابُ اليمين مَا أَصْحَابُ اليمين } .

رجع إلى ذكر أصحاب الميمنة ، والتكرير لتعظيم شأن النَّعيم{[54835]} .

فإن قيل{[54836]} : ما الحكمة في ذكرهم بلفظ «أصحاب الميمنة » عند تقسيم الأزواج الثلاثة ؟ فلفظ «أصحاب الميمنة » «مَفْعَلَة » إمَّا بمعنى موضع اليمين [ كالحكمة موضع الحكم ، أي : الأرض التي فيها «اليمن » ، وإمَّا بمعنى موضع اليمين ] {[54837]} كالمنارة موضع النار ، والمِجْمَرة موضع الجمرة ، وكيفما كان ، فالميمنة فيها دلالة على الموضع ، لكن الأزواج الثلاثة في أول الأمر يتميزون بعضهم عن بعض ويتفرَّقون ، لقوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } [ الروم : 14 ] ، وقال : { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [ الروم : 43 ] فيتفرقون بالمكان ، فأشار إليهم في الأول بلفظ يدلّ على المكان ، ثم عند الثواب وقع تفريقهم بأمر منهم لا بأمر هم فيه وهو المكان ، فقال : «وأصْحَابُ اليَمِينِ » أي الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم .

وقيل : أصحاب القوة .

وقيل : أصحاب النور .


[54835]:ينظر: القرطبي 17/134.
[54836]:الفخر الرازي 29/142.
[54837]:سقط من ب.