ثم قال تعالى : { فقطع دابر القوم الذين ظلموا } الدابر التابع للشيء من خلفه كالولد للوالد يقال : دبر فلان القوم يدبرهم دبورا ودبرا إذا كان آخرهم . قال أمية بن أبي الصلت :
فاستؤصلوا بعذاب حص دابرهم *** فما استطاعوا له صرفا ولا انتصروا
وقال أبو عبيدة : دابر القوم آخرهم الذي يدبرهم . وقال الأصمعي الدابر الأصل يقال قطع الله دابره أي أذهب الله أصله . وقوله : { والحمد لله رب العالمين } فيه وجوه : الأول . معناه أنه تعالى حمد نفسه على أن قطع دابرهم واستأصل شأفتهم لأن ذلك كان جاريا مجرى النعمة العظيمة على أولئك الرسل في إزالة شرهم عن أولئك الأنبياء . والثاني : أنه تعالى لما علم قسوة قلوبهم لزم أن يقال : إنه كلما ازدادت مدة حياتهم ازدادت أنواع كفرهم ومعاصيهم ، فكانوا يستوجبون به مريد العقاب والعذاب فكان إفناؤهم وإماتتهم في تلك الحالة موجبا أن لا يصيروا مستوجبين لتلك الزيادات من العقاب فكان ذلك جاريا مجرى الإنعام عليهم ، والثالث : أن يكون هذا الحمد والثناء إنما حصل على وجوه إنعام الله عليهم في أن كلفهم وأزال العذر والعلة عنهم ودبرهم بكل الوجوه الممكنة في التدبير الحسن ، وذلك بأن أخذهم أولا بالبأساء والضراء ، ثم نقلهم إلا الآلاء والنعماء ، وأمهلهم وبعث الأنبياء والرسل إليهم ، فلما لم يزدادوا إلا أنهما كافي الغي والكفر ، أفناهم الله وطهر وجه الأرض من شرهم ، فكان قوله { الحمد لله رب العالمين } على تلك النعم الكثيرة المتقدمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.