المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْۚ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (45)

وقوله تعالى : { فقطع دابر القوم } الآية ، «الدابر » آخر الأمر الذي يدبره أي يأتي من خلفه ، ومنه قول الشاعر [ أمية بن أبي الصلت ] [ البسيط ]

فَأُهلِكُوا بعذابٍ حصَّ دَابِرَهُمْ . . . فما استطاعُوا لَهُ دَفْعاً ولا انْتَصَرُوا{[4920]}

وقول الآخر : [ الطويل ]

وَقَدْ زَعَمتْ علْيا بَغِيضٍ وَلَفُّها . . . بَأني وَحِيدٌ قَدْ تَقَطَّع دابري{[4921]}

وهذه كناية عن استئصال «شأفتهم » ومحو آثارهم كأنهم وردوا العذاب حتى ورد آخرهم الذي َََََََََدَبَرهم ، وقرأ عكرمة «فقَطَع » بفتح القاف والطاء «دابرَ » بالنصب ، وحسن الحمد عقب هذه الآية لجمال الأفعال المتقدمة في أن أرسل الرسل وتلطف في الأخذ بالبأساء والضراء ليتضرع إليه فيرحم وينعم ، وقطع في آخر الأمر دابر الظلمة ، وذلك حسن في نفسه ونعمة على المؤمنين فحسن الحمد يعقب هذه الأفعال ، وبحمد الله ينبغي أن يختم كل فعل وكل مقالة لا رب غيره .


[4920]:- البيت لأمية بن أبي الصلت، وقد روي في "القرطبي" وفي "البحر المحيط": "فما استطاعوا له صرفا" ومعنى حصّ: استأصل.
[4921]:- لم نعثر على هذا البيت في المراجع التي بين أيدينا، ولم يستشهد به أحد من المفسرين المشهورين، ولم يذكره في اللسان.