تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْۚ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (45)

الآية 45 وقوله تعالى : { فقطع دابر القوم الذين ظلموا } قيل : استؤصل القوم الذين ظلموا بالهلاك جميعا ، والظلم ههنا الشرك ، وقيل : { فقطع دابر القوم الذين ظلموا } أي أصلهم ، وقيل : { دابر القوم } أي أخرهم ، وكله واحد ؛ وذلك أنه إذا هلك آخرهم ، وقطعوا ، فقد استؤصلوا . ويشبه أن يكون قوله : { فقطع دابر القوم الذين ظلموا } أي قطع افتخارهم وتكبرهم الذي كانوا يفتخرون به ، ويتكبرون .

وقوله تعالى : { والحمد لله رب العالمين } الحمد في هذا الموضع على إثر ذلك الهلاك يخرج على وجوه :

أحدها : الحمد{[7094]} إنما يذكر على إثر ذلك للكرامة والنعمة ؛ لكن ههنا ، وإن كان نقمة وإهلاكا ، فيكون للأولياء كرامة ونعمة ؛ لأن هلاك العدو يعد من أعظم الكرامة والنعمة من الله . فإذا كان في ذلك شر للأعداء والانتقام ، فيكون خيرا للأولياء وكرامة . وما من شر يكون لأحد إلا ويجوز أن يكون في ذلك خيرا{[7095]} لآخر . فيكون الحمد في الحاصل في الخير والنعمة .

والثاني : أنه يجوز أن يكون في الهلاك نفسه الحمد ، إذا كان الهلاك بالظلم لأنه هلاك بحق ؛ إذ لله أن يهلكهم . ولم يكن الهلاك على الظلم خارجا عن الحكمة ، فيحمد عز وجل [ وله ]{[7096]} في كل فعل حكمة .

والثالث : يقول : { والحمد لله رب العالمين } على إظهار حججه بهلاكهم .


[7094]:في الأصل وم: وإلا الحمد.
[7095]:- في الأصل وم: خير.
[7096]:- ساقطة من الأصل وم.