مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَيَـٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ فَكُلَا مِنۡ حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (19)

قوله تعالى : { ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين }

اعلم أن هذه الآية مشتملة على مسائل : أحدها : أن قوله : { اسكن } أمر تعبد أو أمر إباحة وإطلاق من حيث إنه لا مشقة فيه فلا يتعلق به التكليف . وثانيها : أن زوج آدم هو حواء ، ويجب أن نذكر أنه تعالى كيف خلق حواء ، وثالثها : أن تلك الجنة كانت جنة الخلد ، أو جنة من جنان السماء أو جنة من جنان الأرض . ورابعها : أن قوله : { فكلا } أمر إباحة لا أمر تكليف . وخامسها : أن قوله : { ولا تقربا } نهي تنزيه أو نهي تحريم . وسادسها : أن قوله : { هذه الشجرة } المراد شجرة واحدة بالشخص أو النوع . وسابعها : أن تلك الشجرة أي شجرة كانت . وثامنها : أن ذلك الذنب كان صغيرا أو كبيرا . وتاسعها : أنه ما المراد من قوله : { فتكونا من الظالمين } وهل يلزم من كونه ظالما بهذا القربان الدخول تحت قوله تعالى : { ألا لعنة الله على الظالمين } ، وعاشرها : أن هذه الواقعة وقعت قبل نبوة آدم عليه السلام أو بعدها ، فهذه المسائل العشرة قد سبق تفصيلها وتقريرها في سورة البقرة فلا نعيدها ، والذي بقي علينا من هذه الآية حرف واحد ، وهو أنه تعالى قال في سورة البقرة : { وكلا منها رغدا } بالواو ، وقال ههنا : { فكلا } بالفاء فما السبب فيه ، وجوابه من وجهين : الأول : أن الواو تفيد الجمع المطلق ، والفاء تفيد الجمع على سبيل التعقيب ، فالمفهوم من الفاء نوع داخل تحت المفهوم من الواو ، ولا منافاة بين النوع والجنس ، ففي سورة البقرة ذكر الجنس وفي سورة الأعراف ذكر النوع .