فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيَـٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ فَكُلَا مِنۡ حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (19)

{ ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين 19 فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين 20 وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين 21 } .

{ و } قلنا { يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة } قال له هذا القول بعد إخراج إبليس من الجنة أو من السماء أو من بين الملائكة والمعنى اتخذها مسكنا وتخصيص الخطاب بآدم للإيذان بأصالته في تلقي الوحي وتعاطي المأمور به . واختلفوا في خلق حواء فقال ابن إسحق خلقت قبل دخول آدم الجنة وهو ظاهر هذه الآية وقيل بعد دخول الجنة وقيل الخطاب للمعدوم لوجوده في علم الله .

{ فكلا من حيث } أي من أي نوع من أنواع الجنة { شئتما } أكله ومثله ما تقدم من قوله تعالى { وكلا منها رغدا حيث شئتما } وقال أبو السعود حيث ظرف مكان أي فكلا من ثمارها في أي مكان شئتما الأكل فيه ، وقال هناك بالواو وهنا بالفاء . قال الرازي : إن الواو تفيد الجمع المطلق والفاء تفيد الجمع على سبيل التعقيب ، فالمفهوم من الفاء نوع داخل تحت المفهوم من الواو ، ولا منافاة بينهما ففي البقرة ذكر الجنس وهنا ذكر النوع .

{ ولا تقربا هذه الشجرة } تقدم الكلام على هذا في البقرة مستوفى { فتكونا } أي فتصيروا { من الظالمين } لأنفسكما أي العاصين لله تعالى .