وأما قوله : { قال فاهبط منها } فلا شك أن قائل هذا القول هو الله تعالى ، ومثل هذه المناظرة بين الله سبحانه وبين إبليس مذكور في سورة { ص } على سبيل الاستقصاء .
إذا ثبت هذا فنقول : إنه لم يتفق لأحد من أكابر الأنبياء عليهم السلام مكالمة مع الله مثل ما اتفق لإبليس ، وقد عظم الله تشريف موسى بأن كلمه حيث قال : { ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه } وقال : { وكلم الله موسى تكليما } فإن كانت هذه المكالمة ( تفيد الشرف العظيم ) فكيف حصلت على أعظم الوجوه لإبليس ؟ وإن لم توجب الشرف العظيم ، فكيف ذكره الله تعالى في معرض التشريف الكامل لموسى عليه السلام ؟
والجواب : أن بعض العلماء قال : إنه تعالى قال لإبليس على لسان من يؤدي إليه من الملائكة ما منعك من السجود ؟ ولم يسلم أنه تعالى تكلم مع إبليس بلا واسطة . قالوا : لأنه ثبت أن غير الأنبياء لا يخاطبهم الله تعالى إلا بواسطة ، ومنهم من قال : إنه تعالى تكلم مع إبليس بلا واسطة ، ولكن على وجه الإهانة بدليل أنه تعالى قال له : { فاخرج إنك من الصاغرين } وتكلم مع موسى ومع سائر الأنبياء عليهم السلام على سبيل الإكرام ألا ترى أنه تعالى قال لموسى : { وأنا اخترتك } وقال له { واصطنعتك لنفسي } وهذا نهاية الإكرام .
المسألة الثامنة : قوله تعالى : { فاهبط منها } قال ابن عباس : يريد من الجنة ، وكانوا في جنة عدن وفيها خلق آدم . وقال بعض المعتزلة : إنه إنما أمر بالهبوط من السماء ، وقد استقصينا الكلام في هذه المسألة في سورة البقرة . { فما يكون لك أن تتكبر فيها } أي في السماء . قال ابن عباس : يريد أن أهل السماوات ملائكة متواضعون خاشعون فاخرج إنك من الصاغرين ، والصغار الذلة . قال الزجاج : إن إبليس طلب التكبر فابتلاه الله تعالى بالذلة والصغار تنبيها على صحة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم : ( من تواضع لله رفعه الله ومن تكبر وضعه الله ) وقال بعضهم : لما أظهر الاستكبار ألبس الصغار ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.