ولما أوجب له ما ذكر من الشقاوة تماديه في الحسد وكثرة كلامه في محسوده ، التفت إلى محسوده الذي لم يتكلم فيه كلمة واحدة ، بل اشتغل بنفسه في البكاء على ذنبه ، واكتفى بفعل ربه بما ينجيه من حبائل مكره التي نصبها بما ذكر ، ليكون ذلك سبب سعادته{[32049]} ، فقال عطفاً على { اخرج منها } : { ويا آدم اسكن } ولما كان المراد بهذا الأمر هو نفسه لا التجوز به{[32050]} عن بعض من يلابسه ، أكد ضميره لتصحيح العطف ورفع التجوز فقيل : { أنت وزوجك الجنة } .
ولما كان السياق هنا للتعريف بأنه مكن{[32051]} لأبينا في الجنة أعظم من تمكينه لنا في الأرض بأن حباه فيها رغد العيش مقارناً لوجوده ؛ ثم حسن في قوله : { فكلا } العطف بالفاء الدال على أن المأكول كان مع الإسكان ، لم يتأخر عنه ، ولا منافاة بينه وبين التعبير بالواو في البقرة ، لأن مفهوم الفاء نوع داخل تحت مفهوم الواو ، ولا منافاة بين النوع والجنس ، و{[32052]}قوله : { من حيث شئتما } بمعنى رغداً أي واسعاً ، فإنه يدل على إباحة الأكل من كل شيء فيها غير المنهي عنه ، وأما آية البقرة فتدل على إباحة الأكل منها في أيّ مكان كان ، وهذا السياق إلى آخره مشير إلى أن من خالف أمره تعالى ثل عرشه وهدم عزه وإن كان في غاية المكنة ونهاية القوة كما أخرج من أعظم له المكنة بإسجاد ملائكته وإسكان جنته وإباحة كل ما فيها غير شجرة واحده ؛ أكد تحريمها بالنهي عن قربانها دون الاكتفاء بالنهي عن غشيانها فقال{[32053]} : { ولا تقربا } أي فضلاً عن أن تتناولا { هذه الشجرة } مشيراً إلى شجرة بعينها أو نوعها ؛ ثم سبب عن القربان العصيان ، فإن من حام حول الحمى أوشك أن يواقعه فقال : { فتكونا } أي بسبب قربها { من الظالمين* } أي بالأكل منها الذي هو{[32054]} مقصود النهي فتكونا بذلك فاعلين فعل من يمشي في الظلام{[32055]} ؛
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.