السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَيَـٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ فَكُلَا مِنۡ حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (19)

{ ويا آدم } أي : وقلنا يا آدم { اسكن } فهذه القصة معطوفة على قوله تعالى : { قلنا للملائكة } وقوله تعالى : { أنت } تأكيد للضمير في اسكن ليعطف عليه { وزوجك } أي : حواء بالمدّ وذلك بعد أن أهبط منها إبليس وأخرجه وطرده من الجنة { الجنة فكلا من حيث شئتما } من ثمار الجنة أي : من أيّ مكان شئتما .

فإن قيل : قال تعالى في سورة البقرة : { وكلا } ( البقرة ، 35 ) بالواو وهنا بالفاء فما الفرق ؟ أجاب الفخر الرازي : بأن الواو تفيد الجمع المطلق والفاء تفيد الجمع على سبيل التعقيب فالمفهوم من الفاء نوع داخل تحت المفهوم من الواو ولا منافاة بين النوع والجنس ففي سورة البقرة ذكر الجنس وهنا ذكر النوع { ولا تقربا هذه الشجرة } أي : بالأكل منها مشيراً إلى شجرة بعينها أو نوعها وهي الحنطة ، وقيل : شجرة الكرم ، وقيل : غيرهما { فتكونا من الظالمين } أي : بالأكل منها أي : فتصيرا بذلك من الذين ظلموا أنفسهم ، وتكونا : يحتمل الجزم عطفاً على تقربا والنصب على جواب النهي .