مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{أَفَأَمِنُواْ مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (99)

ثم قال تعالى : { أفأمنوا مكر الله } وقد سبق تفسير المكر في اللغة ، ومعنى المكر في حق الله تعالى في سورة آل عمران عند قوله : { ومكروا ومكر الله } ويدل قوله : { أفأمنوا مكر الله } أن المراد أن يأتيهم عذابه من حيث لا يشعرون . قاله على وجه التحذير ، وسمي هذا العذاب مكرا توسعا ، لأن الواحد منا إذا أراد المكر بصاحبه ، فإنه يوقعه في البلاء من حيث لا يشعر به ، فسمي العذاب مكرا لنزوله بهم من حيث لا يشعرون ، وبين أنه لا يأمن من نزول عذاب الله على هذا الوجه { إلا القوم الخاسرون } وهم الذين لغفلتهم وجهلهم لا يعرفون ربهم ، فلا يخافونه ، ومن هذه سبيله ، فهو أخسر الخاسرين في الدنيا والآخرة ، لأنه أوقع نفسه في الدنيا في الضرر ، وفي الآخرة في أشد العذاب .