تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَفَأَمِنُواْ مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (99)

الآية 99 وقوله تعالى : { أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } المكر في الشاهد هو أن يراقب من عدوّه حال غفلة لينتقم منه ، وينتصر{[8717]} . فإذا كان ما ذكرنا ، سمّى ما ينزل بهم من العذاب في حال الغفلة مكرا{[8718]} ، وعلى ذلك الامتحان في ما بين الخلق هو استظهار ما خفي على بعضهم من بعض ، فيأمرون بذلك ، وينهون ، فسمّى الله تعالى ذلك امتحانا لمعنى الأمر والنهي ، وإن كانت الخفيّات عن الخلق ظاهرة بادية عنده .

وقوله تعالى : { فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } الآية على المعتزلة لأنهم يأمنون{[8719]} مكر الله في الصغائر ، [ ويقولون : الصغائر ]{[8720]} مغفورة ، ليس له أن يعذّبهم عليها ؛ [ فهم آمنون ]{[8721]} عن مكره ، وييأسون من رحمته . لقولهم في الكبائر ليس{[8722]} له أن يعفو عنهم . وقد أخبر { إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون } [ يوسف : 87 ] وهم قد أيسوا من رحمة الله في الكبائر ، وأمنوا مكره في الصغائر . فهاتان الآيتان على المعتزلة .

وقوله تعالى : { أفأمنوا مكر الله } هو{[8723]} جزاء مكرهم ؛ سمّى جزاء المكر مكرا [ كما ]{[8724]} سمّى جزاء السيئة سيئة وجزاء الاعتداء اعتداء ، وإن لم يكن الثاني اعتداء ولا سيئة ، فعلى ذلك تسمية جزاء المكر مكرا ، وإن لم يكن الثاني مكرا ، والله أعلم .

ألا ترى أنه لم يجز أن يسمّى مكارا ، ولو كان على حقيقة المكر يسمى بذلك ؟ دل أنه جزاء . وجائز أن يكون المراد من مكره جزاء مكرهم ، [ ولذلك ]{[8725]} سمّى الجزاء باسم المكر لأنه جزاؤه كقوله تعالى : { وجزاء سيئة سيئة مثلها } [ الشورى : 40 ] والثانية ليست بسيئة .


[8717]:من م، في الأصل: وينتظر.
[8718]:في الأصل وم: مكروا.
[8719]:في الأصل وم: يأمنوا.
[8720]:ساقطة من الأصل وم..
[8721]:في الأصل وم: فهو آمن
[8722]:أدرج قبلها في الأصل وم: أن.
[8723]:في الأصل: و، في م: أو.
[8724]:ساقطة من الأصل وم.
[8725]:ساقطة من الأصل وم.