فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَفَأَمِنُواْ مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (99)

{ أفأمنوا مكر الله } الاستفهام للتقريع والتوبيخ وإنكار ما هم عليه من أمان ما لم يؤمن من مكر الله بهم وعقوبته لهم ، وفي تكرير هذا الاستفهام زيادة تقرير لإنكار ما أنكره عليهم ، وقيل مكر الله استدراجه إياهم بما أنعم عليهم من الدنيا والنعمة والصحة ، والأولى حمل الآية على ما هو أعم من ذاك .

ثم بين حال من أمن مكر الله فقال { فلا يأمن مكر الله } المكر الاحتيال والخديعة والمراد بمكر الله هنا فعل ما يعاقب به الكفرة على كفرهم ، وأضيف إلى الله لما كان عقوبة على ذنبهم ، فإن العرب تمسي العقوبة على أي وجه كانت باسم الذنب الذي وقعت عليه العقوبة ، وهذا نص في قوله { ومكروا ومكر الله } قاله ابن عطية .

قلت وهو تأويل حسن وأنه من باب المقابلة أيضا والفاء في قوله { فلا يأمن } التنبيه على أن العذاب يعقب أمن مكر الله { إلا القوم الخاسرون } أي الذين أفرطوا في الخسران ووقعوا في وعيده الشديد حتى صاروا إلى النار ، قال الشبلي : مكره بهم تركه إياهم على ما هم عليه .