اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَفَأَمِنُواْ مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (99)

ومعنى : " مَكْرَ اللَّهِ " أي إضافة المخلوق إلى الخَالقِ كقولهم : ناقة الله ، وبيتُ الله ، والمرادُ بهِ فعلٌ يعاقب به الكفرة ، وأضيف إلى الله لمَّا كان عقوبة الذَّنْبِ ، فإنَّ العرب تسمِّي العقوبة على أي جهة كانت باسم الذَّنْبِ الذي وقعت عليه العقوبة .

قال ابن عطيَّة : " وهو تأويلٌ حسنٌ " .

وقال البَغَوِيُّ{[16594]} : " مَكْرُ اللَّهِ : استدراجُهُ إيَّاهُم بما أنْعَمَ عليهم في دنياهم " .

وقد تقدَّم في آل عمران في قوله : { وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله } [ الآية : 54 ] أنَّه من باب المُقَابلَةِ أيضاً .

و " الفاء " في قوله : " فَلاَ يأمَنُ " للتَّنْبِيهِ على أنَّ العذابَ يعقب أمن مَكْرَِ اللَّهِ .

قال ابنُ الخطيبِ{[16595]} : " وقوله : " مَكْرَ اللَّهِ " المرادُ أنْ يأتيهم عذابُهُ من حيث لا يَشْعُرُونَ ، قاله على وجه التَّحْذيرِ ، وسمى هذا العذاب مَكْراً تَوَسُّعاً ؛ لأنَّ الواحد منا إذا أرَادَ المكر بصاحبه فإنه يوقعه في البلاءِ من حيث لا يَشْعُرُ " .


[16594]:ينظر: تفسير البغوي 2/184.
[16595]:ينظر: تفسير الرازي 14/151.