مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{أَلَمۡ يَكُ نُطۡفَةٗ مِّن مَّنِيّٖ يُمۡنَىٰ} (37)

{ ألم يك نطفة من مني يمنى } وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : النطفة هي الماء القليل وجمعها نطاف ونطف ، يقول : ألم يك ماء قليلا في صلب الرجل وترائب المرأة ؟ وقوله : { من مني يمنى } أي يصب في الرحم ، وذكرنا الكلام في يمنى عند قوله : { من نطفة إذا تمنى } وقوله : { أفرأيتم ما تمنون } فإن قيل : ما الفائدة في يمنى في قوله : { من مني يمنى } ؟ قلنا : فيه إشارة إلى حقارة حاله ، كأنه قيل : إنه مخلوق من المني الذي جرى على مخرج النجاسة ، فلا يليق بمثل هذا الشيء أن يتمرد عن طاعة الله تعالى إلا أنه عبر عن هذا المعنى ، على سبيل الرمز كما في قوله تعالى في عيسى ومريم : { كانا يأكلان الطعام } والمراد منه قضاء الحاجة .

المسألة الثانية : في يمنى في هذه السورة قراءتان التاء والياء ، فالتاء للنطفة ، على تقدير ألم يك نطفة تمنى من المني ، والياء للمني من مني يمنى ، أي يقدر خلق الإنسان منه .