اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَلَمۡ يَكُ نُطۡفَةٗ مِّن مَّنِيّٖ يُمۡنَىٰ} (37)

قوله : { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةٌ } . العامة : على الياء من تحت في «يك » رجوعاً إلى الإنسان .

والحسن{[58766]} : بتاء الخطاب ، على الالتفات إليه توبيخاً له .

وقوله : { مِّن مَّنِيٍّ يمنى } . قرأ حفص : «يُمْنَى » بالياء من تحت .

وفيه وجهان :

أحدهما : أن الضمير عائد على المني - أي يصب - فتكون الجملة في محل جر .

والثاني : أنه يعود للنطفة ، لأن تأنيثها مجازيّ ؛ ولأنها في معنى الماء . قاله أبو البقاء .

وهذا إنما يتمشى على قول ابن كيسان .

وأما النحاة فيجعلونه ضرورة ؛ كقوله : [ المتقارب ]

5017 - . . . *** ولا أرْضَ أبْقلَ إبْقَالهَا{[58767]}

وقرأ الباقون{[58768]} : «تُمْنَى » بالتاء من فوق على أن الضمير للنطفة ، فعلى هذه القراءة وعلى الوجه المذكور قبلها تكون الجملة في محل نصب ؛ لأنها صفة المنصوب .

فصل في معنى الآية

والمعنى من قطرة ما تمنى في الرحم ، أي تراق فيه ، ولذلك سميت «منى » لإراقة الدماء ، والنُّطفة : الماء القليل ، ويقال : نطف الماء ، أي : قطر ، أي ألم يك ماء قليلاً في صلب الرجل وترائب المرأة ، فنبه تعالى بهذا على خسة قدره .


[58766]:ينظر: المحرر الوجيز 5/407، والبحر المحيط 8/382، والدر المصون 6/434.
[58767]:تقدم.
[58768]:ينظر السبعة 662، والحجة، 6/346، 347، وإعراب القراءات 2/417.