مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِيرٗا} (6)

قوله تعالى : { عينا يشرب بها عباد الله } فيه مسائل :

المسألة الأولى : إن قلنا : الكافور اسم النهر كان عينا بدلا منه ، وإن شئت نصبت على المدح ، والتقدير أعني عينا ، أما إن قلنا : إن الكافور اسم لهذا الشيء المسمى بالكافور كان عينا بدلا من محل من كأس على تقدير حذف مضاف ، كأنه قيل : يشربون خمرا خمر عين ، ثم حذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه .

المسألة الثانية : قال في الآية الأولى : { يشربون من كأس } وقال هاهنا يشرب بها ، فذكر هناك من وهاهنا الباء ، والفرق أن الكأس مبدأ شربهم وأول غايته . وأما العين فبها يمزجون شرابهم فكأن المعنى : يشرب عباد الله بها الخمر ، كما تقول : شربت الماء بالعسل .

المسألة الثالثة : قوله : { يشرب بها عباد الله } عام فيفيد أن كل عباد الله يشربون منها ، والكفار بالاتفاق لا يشربون منها ، فدل على أن لفظ عباد الله مختص بأهل الإيمان ، إذا ثبت هذا فقوله : { ولا يرضى لعباده الكفر } لا يتناول الكفار بل يكون مختصا بالمؤمنين ، فيصير تقدير الآية ولا يرضى لعباده المؤمنين الكفر ، فلا تدل الآية على أنه تعالى لا يريد كفر الكافر .

قوله تعالى : { يفجرونها تفجيرا } معناه يفجرونها حيث شاؤوا من منازلهم تفجيرا سهلا لا يمتنع عليهم .